(٢) متفق عليه. قول ابن صياد "الدُّخُّ" أراد أن يقول "الدُّخان" فلم يستطع ولم يهتد إلى ذلك. وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ»، أي: لن تُجاوز قدرَك أن تعلم الغيب من قِبل الوحي ولا من قبيل الإلهام. قال القاضي عياض: "وأصح الأقوال في قوله "الدُّخُّ": أنه لم يهتد من الآية التى أضمرها له -عليه السلام- إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهّان؛ إذ إنما يلقي الشيطان إليهم بقدر ما يختطف قبل أن يدركه الشهابُ، ويدل عليه: قولُه «اخسأ فلن تعدو قدرك»، أي: ابْعُدْ كاهناً منخرصاً، فلن تعدو قدر هذا الصنف من الاهتداء إلى بعض الشيء، وما لا يتبين منه حقيقة" (إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم (٨/ ٤٧٢)). وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن يكنه فلن تسلط عليه» أي: إن كان هذا هو الدجال، فلست أنت الذي يقتله، وإنما يقتله عيسى بن مريم -عليه السلام-. وامتحان النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن صياد، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعمرَ: «إن يكنه فلن تسلط عليه» يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان متوقفاً في أمره لأنه لم يُوحَ إليه أنه الدجال ولا غيره. والخلاف في كون ابن صياد هو المسيح الدجال أو هو دجال من الدجاجلة خلافٌ عريضٌ، والله أعلم.