للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثانياً: الإيمان عند الخوارج والمعتزلة:

فهو فعل الطاعات المفترضة كلها، فهو قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح، ويرون أنَّ كل فرد من أفراد العمل ركن في الإيمان وجزء منه، فإذا ذهب بعض الإيمان سائره، وعليه فإنه لا يجتمع عندهم في الشخص الواحد ثواب وعقاب؛ فمن ارتكب كبيرة فقد خرج من الإيمان ودخل في الكفر عند الخوارج، وصار عند المعتزلة في منزلة بين المنزلتين، واتفق الفريقان أن مآله الخلود في النار، ولكنَّ المعتزلة يقولون أن عذاب أصحاب الكبائر دون عذاب الكفَّار.

ويقولون الإيمان شئ واحد لا يزيد ولا ينقص، ولا يُستثنى فيه. (١)

* الرد على الخوارج والمعتزلة:

١ - وممن يرد به على الوعيدية في قولهم أن الإيمان لا يتجزأ، وأن ذهاب بعض الإيمان هو ذهاب للإيمان كله:

ما رواه أَبو سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:

" أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ". (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

القول الذي لم يوافق الخوارج والمعتزلة عليه أحد من أهل السنة هو القول بتخليد أهل الكبائر في النار؛ فإن هذا القول من البدع المشهورة وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان؛ وسائر أئمة المسلمين على أنه لا يخلَّد في النار أحد ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، واتفقوا أيضا على أن نبينا -صلى الله عليه وسلم -يشفع فيمن يأذن الله له بالشفاعة فيه من أهل الكبائر من أمته، ففي " الصحيحين " عنه أنه قال: {لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. (٣)


(١) وانظر الإيمان لابن منده (١/ ٣٣١) والفِصل (٣/ ٢٢٧) ومسائل الإيمان لأبي يعلى (ص/١٥٦)
*قلت:
والعجيب في أمر المعتزلة أن أحد الأصول الخمسة عندهم هو العدل، وبنوا عليه قولهم بنفي خلق أفعال العباد، ثم يقولون أن من فعل كبيرة واحدة ألغت جميع الأعمال الصالحة، ولو كانت هذه الأعمال الصالحة أمثال الجبال.
(٢) متفق عليه.
(٣) مجموع الفتاوي (٧/ ٢٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>