للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب:

وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين، حتى قال ابن الجوزى:

تدبرت هذا الحديث، فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه ". (١)

* أهم الفوائد المتعلقة بحديث الباب:

١ - الفائدة الأولى: قوله: " صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ":

قال النووي:

احفظ أوامره وامتثلها، وانته عن نواهيه، يحفظك في تقلباتك، وفي دنياك، وآخرتك، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً (٩٧)) (النحل: ٩٧)

فكل ما يحصل للعبد من البلاء والمصائب، فسببه الرئيس إنما تضييعه لأوامر الله تعالى؛ قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]. (٢)

* وهذه جملة متضمنة لأمر وإخبار:

أما الأول: فهو الأمر:

وهو أمرٌ للعبد أن يقوم بحق الله -تعالى - عليه، وحفظ العبد لأمر الله - تعالى - على نوعين:

أ) حفظ أمر الله القدري:

وذلك بالصبر على الأقدار، فهذه من علامات صدق الإيمان، فعَنْ صُهَيْبٍ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" عَجِبْتُ مِنْ أَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ خَيْرًا " (٣)، فجعل الصبر على القدر لا يحصل إلا للمؤمن.

ب) حفظ أمر الله الشرعى:

وذلك بالقيام بحق الشرع، بامتثال الأوامر واجتناب


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٦٢)
(٢) شرح الأربعين للنووي (ص/٦٣)
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>