للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهاهي الصفة الثانية من صفات السابقين الأولين الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب أنهم لا يكتوون؛ وذلك لكمال توكلهم على الله عز وجل، واستسلامهم لقضائه، وصبراً عليه.

فقد استغنوا عن الخلق، ولجؤوا إلى الخالق، ولما في الاكتواء من شدة الألم مع ضعف احتمال الشفاء.

سؤال: ما هو حكم الكي؟

الجواب أولا: وردت أحاديث تشير إلى جواز الكي، نذكر منها ما يلي:

١ - عَنْ جَابِرٍ-رضى الله عنه- قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذ -رضى الله عنه-فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ:

«فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ» (١)

٢ - قال ابن عباس -رضى الله عنهما-: قال الرسُولَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ. (٢)

ثانياً: قد وردت أحاديث في النهي عن الكي منها:

١) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضى الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الكَيِّ. قَالَ: فَابْتُلِينَا فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا وَلَا أَنْجَحْنَا. (٣)

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ..... ، وأنا أنهي أمتي عن الكي ". (٤)

* فكيف الجمع بين هذه الأحاديث التي ظاهرها التعارض؟

نقول: اختلفت مسالك العلماء في الجمع بين هذه الآثار، على أقوال:

١ - القول بالنسخ: أن أحاديث الإباحة قد نسخت أحاديث النهي عن الكي. (٥)


(١) أخرجه مسلم (٢٢٠٨) وأحمد (١٤٣٤٣) والحسم هو الكي. والمشقص: "هو نصل السهم الطويل غير العريض. وجمعه: مشاقص. وانظر مطالع الأنوار على صحاح الآثار (٦/ ٧٣)
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه أبوداود (٣٨٦٥) والترمذى (٢٠٤٩) وقال الترمذى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٤) متفق عليه.
(٥) شرح معاني الآثار (٤/ ٣٢١)

<<  <  ج: ص:  >  >>