وليست هذه الآية من آيات الصفات أصلًا حتى يُستدل بها على صحة التأويل". (١)
* وهنا إشكال:
قد أورد البخاري قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]، ثم قال: "إِلَّا مُلْكَهُ"، فهل في هذا مخالَفة لقول أهل السنة؟
* والجواب أن يقال:
مما لا شك فيه: أن البخاري ممن يُثبت صفة الوجه لله- تبارك وتعالى- على الحقيقة، ويدل على ذلك: أنه قد أورد هذه الآية مبوِّبًا لها في صحيحه في كتاب التوحيد- الذي هو مَظِنّة التنصيص على الأمور الاعتقادية- ثم أتبعَها بالحديث «أعوذُ بوجْهكَ».
وأمّا قوله "إلّا مُلكَه" فقد أورده في كتاب التفسير، وذلك عند تفسير سورة القَصص، ومعلومٌ أنه يريد بذلك أنّ هذا مِن تفسيرها الذي تُفسَّرُ به، والذي هو قول أئمّة اللغة والسلف في التفسير.
وهذا منهج يقوم على: تفسير معاني الآيات بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم، والمَعرفةِ بأساليب اللغة العربية، وليس ما ذهب إليه المتكلمون، وهو صرفُ اللفظ عن ظاهره إلى معنًى آخر مع عدم إثبات الصفة.
كما أن تأويل الوجه بالمُلك قد ذكره غيرُ واحد من السلف، كما نقله شيخُ الإسلام ابنُ تيمية في الفتاوى عن طاووس بن كيسانَ، فالبخاري ناقلٌ عن إمام من أئمة السلف، وهذه طريقته.