وهذا اللازم الباطل إنما هو من شُؤْمِ مخالَفة السُّنن، فالبدَع تنادي أخَواتِها؛ فإنّ لازِمَ إنكارِ وجْه الله- عز وجل- إنكارُ أصلٍ آخرَ من أصول أهل السنة، والذي هو رؤية وجه الله- تعالى- في الآخرة.
قال ابن القيم:
"أن الصحابة- رضي الله عنهم- والتابعين وجميعَ أهل السنة والحديث والأئمة الأربعة وأهل الاستقامة من أتباعهم متفقون على أن المؤمنين يرَون وجه ربهم في الجنة... فمن أنكر حقيقة الوجه لم يكن لِلنَّظر عندَه حقيقةٌ، ولا سِيَّما إذا أَنكرَ الوجه والعلوّ؛ فيعودُ النظرُ عنده إلى خيالٍ مجرَّدٍ". (١)
* وهنا سؤال:
هل قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}[البقرة: ١١٥] من آيات الصفات؟
*والجواب:
إن هذه الآية واحدةٌ ممّا شغَّب به أهلُ البدع في زعْمهم أنّ السلف يؤوّلون آياتِ الصفات، وجعلوا ذلك ذريعة للخوض بالباطل في تعطيل الصفات الإلهية التي ثبتت لله- عز وجل- بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال أبو العباس ابنُ تيمية:
"أمّا قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥] فالمراد بالوجه هنا: القِبلة، أيْ قِبلةُ الله؛ لدلالة السياق على ذلك، فإنّ "أينَ" ظرفُ مكان، و"تُوَلُّوا" معناه: تَستقبلوا؛ فهذه الآية ليست من آيات الصفات، وهذا من المواضع التي قد يقع فيها الغلَط، فيُستدل بالآية على الصفة وهي لا تدل عليها، فالدلالة في كل موضع بحسب سياقه وما يَحُفُّ به من القرائن اللفظيّة والحاليّة؛ ولذلك لا يصح أن يُستدل بمثل هذه الآية على صحة التأويل؛ لأن المعنى هنا دلّ السياقُ عليه،
(١) المصدر السابق (٢/ ٣٩٠)، وانظر التأويل في الصفات (ص/ ٣٢٦).