للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيمة؟! وكذلك قوله- صلى الله عليه وسلم- في حديث الباب: «حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ»، فهل يقال في الثواب: إنّ له نورًا يحرق ما انتهى إليه بصرُ الله- تعالى- من الخلْق؟!

رابعًا: قد ورد في الآثار تعوُّذُ النبي- صلى الله عليه وسلم- بوجه الله تعالى، ومِثلُ هذا لا يكون إلا بالله- تعالى- وبصفاته.

قال الدارمي:

"أفَيجوزُ- أيُّها المُعارِضُ- أنْ يُتأوَّلَ هذا: "أعوذ بثوابك والأعمالِ التي يُبتغى بها وجهُك وبوجْهِ القِبلة"؟ فإنه لا يجوز أن يستعاذ بوجهِ شيءٍ غير وجه الله تعالى، وبكلماته، لا يستعاذ بوجه مخلوق". (١)

خامسًا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقول فِي دُعَائِهِ: «أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، والشَّوْقَ إلَى لِقائِكَ»، ولم يكن لِيسألَ لذةَ النظر إلى الثواب، ولا يُعرف تسمية ذلك وجهًا لغةً ولا شرعًا ولا عُرْفًا. (٢)

* فإن قيل:

قد أَطْبَقَ علماءُ التفسير على أنّ المراد بقوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: ٩] أي: رجاءَ ثوابِ الله تعالى،

فالرد أن يقال:

لا يَمتنعُ لغةً أن يُطلَقَ الوجه ويراد به الثواب، ولكنّ هذا لا يمنع أن نُثبت لله- تعالى- صفة الوجه على الحقيقة، وذلك للأدلة الأخرى التي لا تحتمل أيَّ تأويلٍ أو صرْفٍ للّفظ عن ظاهره.

وفارِقٌ بين أن نأتيَ موضعًا من مواضع الصفات فنفسّرَه بحسب السياق مع إثبات أصل الصفة من المواضع الأخرى، وبينَ أن نَعْمِدَ إلى هذا الموضع فنتأخّذَه ذَريعةً لنفي الصفة عن الله تعالى.

* ومن اللوازم الباطلة لإنكار صفة الوجه: إنكار رؤيته سبحانه في الآخرة.


(١) نقض أبي سعيد على المريسي العنيد (ص/ ٤٢٤).
(٢) مختصر الصواعق (٢/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>