للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَيِّدٌ: أيْ ذاتُهُ جيِّدةٌ... (١)

فالجواب:

قال ابن القيم:

"يقال لهذا المعطِّل المشبِّه: ليس الوجه في ذلك بمعنى الذات، بل هذا مُبطلٌ لقولك؛ فإنّ وجْه الحائط: أحدُ جانبَيه، فهو مقابلٌ لدُبُرِهِ، وكَمِثْلِ هذا:

وَجْهُ الكعبة ودُبُرُها، فهو وجهٌ حقيقةً ولكنه بحسب المضاف إليه، فلمّا كان المضاف إليه بناءً كان وجهُهُ مِن جنسه، وكذلك وجْهُ الثوب: أحدُ جانبيه، وهو من جنسه، وكذلك وجهُ النهار: أوّلُه، ولا يقال لجميع النهار. والوجه في اللغة: مستقبلُ كل شيء؛ لأنه أولُ ما يُواجهُ منه، ووجْه الرأي والأمْر: ما يَظْهَرُ أنّه صوابُهُ، وهو في كل محلٍّ بحسب ما يضاف إليه، فإنْ أضيف إلى زمنٍ كان الوجهُ زمنًا، وإن أضيف إلى حيَوانٍ كان بحسبه، وإن أضيف إلى ثوب أو حائط كان بحسبه، وإن أضيف إلى مَن {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] كان وجهُهُ- تعالى- كذلك". (٢)

والقاعدة هنا:

" اتفاق الأسماء لا يَلزم منه اتفاقُ الحقائق والمسمَّيات ".

وأمّا قولُهم: إنّ الوجه هو الثواب- فهو مردودٌ بما يلي:

أولًا: أنه مخالف لظاهر اللفظ؛ فإنّ ظاهر اللفظ أنه وجهٌ لله تعالى وصفةٌ له، وليس هو الثوابَ.

ثانيًا: أنه مخالف لإجماع السلف الذي أثبت الوجه لله- تعالى- على الحقيقة، فلم يقل أحد من الصحابة أو التابعين ومَن تبعهم بإحسانٍ: إنّ الوجه هو الثواب.

ثالثًا: قد وصف الله- تعالى- وجهَهُ بصفات، منها: قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧]، فهل يوصف الثواب- وهو مخلوق- بهذه الصفات


(١) وانظر شرح الأصول الخمسة (ص/ ٢٢٧) والمنحة الإلهية (ص/ ٥٩٦).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>