للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*وفي هذا الموضع من البحث إشكال:

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَقُولُ:

" إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّارِ. (١)، فإذا كان الشؤم محرَّماً، فما تأويل هذا الحديث؟

*نقول: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث على أقوال:

القول الأول: نفي الشؤم والتطير مطلقاً؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا طيرة...)، وحملوا حديث: «الشؤم في ثلاثة..» على رواية أخرى للحديث بلفظ (إن كان الشؤم ففي ثلاثة........) (٢)

فقالوا: هذه الرواية الثانية للحديث توافق النهي العام عن التطير، لذا فإن رواية الإثبات ليست على ظاهرها، بل لها محامل أخرى. (٣)

القول الثاني:

قالوا: بالنسخ، أي أن أحاديث إثبات الشؤم قد نُسخت بأحاديث النهي عن الطيرة والشؤم. (٤)

٣) القول الثالث:

وهو الراجح -والله أعلم-: في هذه المسألة وهو القول بظاهر حديث الإثبات: (إنما الشؤم في ثلاثة..)، ولكنَّ الفرق بيَّنٌ واضح بين تشاؤم الجاهلية الذى بُنى على الظنون والهواجس العارية عن الواقع، وأنها مؤثرة بذاتها، وبين الشؤم الذى أثبته النص في هذه الثلاثة لأسباب ظاهرة متحققة فيها.

وهو قول مالك وابن قتيبة والشوكاني. (٥)


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.
(٣) ومن هذه المحامل ما قد ذهبت إليه عائشة-رضى الله عنها- حين خطّأت أبا هريرة -رضى الله عنه-في روايته للحديث بإثبات الشؤم في هذه الثلاثة، فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدا وقالت: لم يسمع أبو هريرة، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم (كان أهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة والدار والدابة) رواه أحمد (٢٦٠٨٨) وإسناده صحيح، وهذا القول ذهب إليه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢/ ٢٥١)
(٤) قال ابن عبدالبر:
وقد يحتمل أن يكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس كان في أول الإسلام خبرا عما كانت تعتقده العرب في جاهليتها على ما قالت (عائشة) ثم نسخ ذلك وأبطله القرآن والسنن. وانظرالتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٤/ ٢٤٣)
(٥) فيض القدير (٢/ ٥٦٠) شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٦٠٢) والمعلم بفوائد مسلم (٣/ ١٠٤) وأحاديث يوهم ظاهرها التعارض (ص/١٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>