للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قلت:

ومما يرجح ذلك: أنه إذا تعارضت روايات الإثبات مع روايات النفي، قدمنا روايات الإثبات، فالمثبَت مقدَّم على المنفي.

* ثم يقال:

إن هذه رواية أبي هريرة -رضى الله عنه-وهو حافظ الأمة، الذى لو انفرد برواية لفظ لكان حجة، كيف وقد وافقه على رواية الحديث بالإثبات غيره من الصحابة: مثل ابن عمر وسعد بن أبي وقاص وجابر رضى الله عنهم. ولذلك قال الحافظ ابن حجر بعد ذكره الرواية عن عائشة -رضى الله عنها-بإنكار ذلك: ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة، مع موافقة من ذكرنا من الصحابة. (١)

قال ابن الجوزي:

الخبر رواه جماعة ثقات فلا يعتمد على رد عائشة رضى الله عنها، والصحيح أن المعنى إن خيف من شئ أن يكون سبباً لما يخاف شره ويتشاءم به، فهذه الأشياء لا على السبيل التي تظنها الجاهلية من العدوى والطيرة، وإنما القدر يجعل للأسباب تأثيراً. (٢)

* ويكون تأويل الحديث: أن هذه الأعيان الثلاثة المذكورة قد يقع منها من الأمور المحسوسة المشاهدة ما يجعل المرء يتضرر إذا ما قارنها، وليس لمجرد هواجس وظنون كاذبة لا أساس لها كما هو في التطير المحرم، لذا يلزمه أن يفارق هذه الثلاثة التى ذكرها الحديث درءأً لشؤمها وشرها. (٣)


(١) وانظر مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٥٤) وفتح الباري (٦/ ٦١)
(٢) كشف المشكل من حدبث الصحيحين (٢/ ٢٦٨) والإجابة لما استدركت عائشة على الصحابة (١/ ١٠٧)
(٣) وهذه الأمور المحسوسة قد ذكرها معمر في قوله: سمعت من تفسير الحديث: شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليها، وشؤم الدارفي جار السوء، أخرجه البيهقي في الكبري (١٦٥٢٧) وسنده صحيح.
وانظر المعارج القبول (٢/ ٣١٤)
وقد سئل الشيخ ابن العثيمين في " لقاءات الباب المفتوح": كيف التوفيق بين النهي عن الشؤم وقوله صلى الله عليه وسلم (الشؤم في ثلاثة)؟ =
=فقال: مراد النبي- صلى الله عليه وسلم -أن نفس هذه الأشياء قد يكون فيها شؤم، مثل أن يشتري سيارة فتكثر حوادثها، والمرأة تكون سليطة اللسان، والدار يضيق صدره إذا دخلها، فهذا هو شؤم هذه الأشياء، فليس هذا من الشؤم المنهي عنه الذي ليس له أصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>