للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم:

فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها وإنما غايته أن الله -سبحانه -قد يخلق منها أعياناً مشؤومة على من قاربها وسكنها، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر. (١)

*ومما يؤيد هذا القول:

ما رواه سعد بن أبي وقاص-رضى الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

" " مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاثَةٌ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاثَةٌ، مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ: الْمَرْأَةُ السُّوءُ، وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ، وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ ". (٢)

*وأما الرد على القول الأول:

الذى عارض رواية الإثبات بالحديث النافى الذى نصه (لا طيرة) فإن الشرع يؤخذ من مجموعه، فتحمل رواية النفى على العموم، ويُخص منها راوية الإثبات، فلا تعارض بين العام والخاص عند الجمع بين الأدلة، فكل طيرة محرمة لأنها مبنية على الظنون إلا ما خصه الدليل.

* وأما القول بالنسخ فلا يصار إليه إلا عند تعذّر الجمع والعلم بالتاريخ، وكلا الأمرين قد انتفى في مسألة الباب.

* ونختم مسألة الطيرة بمبحث مهم وهو " الفأل الحسن"

إذا كان الشرع قد حرّم الشؤم والتطير وعدَّه شركاً، لكنه فقد فتح باباً آخر من الفأل الحسن الذي يدخل السرور والانشراح على الصدر، ويجعل المرء مستبشراً بما سيمضي له في قدر الله غير وجل.


(١) مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٥٧)
(٢) أخرجه أحمد (١٤٤٥) والحاكم (٢/ ١٤٤) وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وانظرالصحيحة (٢٨٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>