للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري:

يقول تعالى ذكره مخبراً أنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم. (١)

قال القرطبي: ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك. (٢)

وكذلك ما يفعله السحرة من الاستعانة بالأرواح الأرضية - وهم الجن و الشياطين،

وهو ما يُعرف بالعزائم والتسخير وكتب السحر مملوءة من الأقسام والعزائم على الجن بساداتهم الذين يعظمونهم، فدل هذا على أن السحر يكون من الاستعانة بالشياطين، وليس كما يدَّعى ابن سينا وغيره أن السحر من قبيل القوى النفسانية، فهو قول باطل.

* شبهة الجواب عليها:

قد استدل المجوِّزون للاستعانة الشركية ببعض الآيات القرآنية التي هي ليست في محل النزاع: مثل قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) قالوا: أمرنا الله بالاستعانة بالأعراض!!!

*ويجاب عن هذه الشبهة بما يلي:

إن هذه الآية الكريمة لا علاقة لها بجواز الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله رب العالمين، بل هذه الآية من أقوى الأدلة على وجوب الالتجاء إلى الله والاستغاثة به عند الملمَّات، والتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، إذ الصلاة والصبر من أعظم الأعمال الصالحات التي يتوسل بها إلى الله -تعالى-عند الكربات، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر توسل إلى الله بالصلاة.

بل الآية من قبيل قوله تعالى: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)؛ فكما أن المراد منها الاعمال الصالحة على تفسير السلف من الأثر والرأي، هكذا هنا المراد من هذه الآية: التوسل بالأعمال الصالحة. (٣)


(١) جامع البيان في تأويل القرآن (٢٣/ ٦٥٤)
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١٠) والتحصين من كيد الشياطين (ص/٣٢)
(٣) الشرك في القديم والحديث (٢/ ١٢٥٥)
قال صالح بن عبد العزيز آل الشيخ:
وقد بَلَغَنِي بيقين عن بعض من يتعاطى القراءة وهو من الجَهَلَة، ليس من أهل العلم ولا من طلبة العلم ممن فَتَحَ هذا الباب فسَيْطَرَ عليه الجن وهو لا يعلم في هذا، وأصبح يأمرونه بأشياء وينهونه عن أشياء، وربما أَذَلُّوهُ في بعض الأمور، فَسَدُّ الذريعة في هذا واجبٌ ولا يجوز التساهل به. ا. هـ
وانظر الآداب الشرعية (١٩٨/ ١) وإتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (١/ ٧٠٩) والتوضيح الرشيد في شرح التوحيد (ص/٩٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>