وأما هذه المسألة فقد يفهم جواز ذلك من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد ذكر مثل هذا، ووضع جملة من الضوابط لذلك. يقول رحمه الله:
" ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات له "،
وقال رحمه الله:
" ومنهم من يستخدمهم - أي الجن - في أمور مباحة إما إحضار ماله، أو دلالة على مكان فيه مال ليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك، فهذا كاستعانة الإنس بعضهم ببعض في ذلك ".
ومن الضوابط التى حددها لذلك:
" يعني يستعين بهم فيما يقدرون عليه، كون السبب مباحاً، ألا تفضي هذه الاستعانة إلى محرم، أن يكون المستعين بالجنى من الموحدين الصالحين، وعلى معرفة التوحيد وما يضاده. (١)
* الراجح في ذلك -والله أعلم-هو المنع، وهذا عليه جماهير أهل العلم؛ وذلك لأمور:
١ - أن هذا الأمر داخل في الاستمتاع الذي حرَّمه الله عز وجل، كما في قوله عز وجل:
{رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ}[الأنعام: ١٢٨]، فجاء على سبيل الذم على ما فعلوه.
فاستمتاع الإنس بالجن محرَّم على أي نحو كان، ولم يرد الدليل بالاستثناء ولا
(١) ويراجع لذلك مجموع الفتاوى (١١/ ٣٠٧) و (١٣/ ٨٧) والنبوات (١/ ٢٧٨)