للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بين غلاة التكفير، وهم الوعيدية من الخوارج والمعتزلة، وبين دعاة الإرجاء على اختلاف دركاتهم، بدءاً من غلاة الإرجاء وهم الجهمية، حتى مرجئة الفقهاء.

* ذكر فرق الإرجاء:

وقد أطلق مصطلح الإرجاء لأحد أمرين:

(١) لأن أصحابه غلَّبوا جانب الرجاء.

(٢) أن الإرجاء من تأخيرالعمل الجوارح، وإخراجه من الإيمان.

وقد ذكر أبو الحسن الأشعري فرق الإرجاء فبلغ بها اثنتا عشرة فرقة (١)، نذكر أهمها وهو أربعة:

(الجهمية - الكرَّامية - مرجئة الفقهاء - الأشاعرة والماتردية)

١ - أولاً: الجهمية:

وهم من يطلق عليهم غلاة المرجئة، فإن الإيمان عندهم هو المعرفة بالله فقط، والكفر هو الجهل به فقط، فجهم قد حصرالإيمان فى معرفة القلب.

* ولكن هنا فوائد:

... (١) لا يرى شيخ الإسلام ابن تيمية ثمة فرق بين القول بأن الإيمان هو المعرفة، وبين القول بأنه مجرد التصديق.

قال رحمه الله:

" وأيضا فإنَّ الفرق بين معرفة القلب وبين مجرد تصديق القلب الخالي عن الانقياد الذي يُجعل قول القلب؛ أمر دقيق وأكثر العقلاء ينكرونه، وبتقدير صحته لا يجب على كل أحد أن يوجب شيئين لا يتصور الفرق بينهما، وأكثر الناس لا يتصورون الفرق بين معرفة القلب وتصديقه، ويقولون: إن ما قاله ابن كلَّاب والأشعري من الفرق كلام باطل لا حقيقة له وكثير من أصحابه اعترف بعدم الفرق ".

إلى أن قال:

والمقصود هنا أن الإنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق بين علمه بأن الرسول صادق، وبين تصديق قلبه تصديقاً مجرداً عن انقياد وغيره من


(١) فالمرجئة عند أصحاب المقالات أربعة أصناف:
" مرجئة القدرية، ومرجئة الخوارج، ومرجئة الجبرية، والمرجئة الخالصة "، والأخيرة هى التى يُطلق على مرجئة أهل السنة، وذلك إشارة إلى المرجئة الخالصة التى لم تجمع بين الإرجاء وغيره من البدع المشهورة، وهذا بخلاف مرجئة الفقهاء، وسيأتى بيانهم.
وانظر مقالات الإسلاميين (ص/٨١ - ٩٣) والفَرق بين الفِرق (ص/١٧٨ - ١٨٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>