للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمال القلب بأنه صادق. (١)

(٢) جهم وإن حصر الكفر فى جهل القلب، إلا أنه التزم القول بأن من أتى المكفِّرات الظاهرة فهو كافر فى أحكام الدنيا، مع الحكم بأنه مؤمن فى الباطن، وأنه من أهل الجنة.

(٣) قد تخبَّط جهم - بناء على أصوله الفاسدة فى الإيمان - فى حكم تكفيرفرعون؛ ففي " الفتوحات " يحكم عليه بالكفر زاعماً أنه لم يكن فى قلبه شيء من المعرفة بالله، وأما فى "الفصوص" فيقول:

"إن فرعون مات مؤمناً، وقُبض طاهراً مطهَّراً "!! (٢)

* الرد على قول الجهمية:

١ - لقد كان إبليس عارفاً بالله مصدِّقاً بربوبيته، قال الله -تعالى- حاكياً عن إبليس (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر/٣٩) وقال (فَبِعِزّتك لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص/٨٢)

وكذلك كان فرعون قال تعالى (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) (الإسراء/١٠٢)، وقال تعالى عن فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل/١٤)

ممَّا يدل على أن إبليس وفرعون كانا يصدِّقان بوجود الله - تعالى - ويعرفونه، ومع ذلك لم ينفعهم هذا التصديق وحكما عيهم بالخلود في النار، فدل ذلك أن المعرفة وحدها لا يصح بها الإيمان، وأن الكفر لا يختص بالجهل كما زعم جهم ومن وافقه.

٢ - قال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحقَ وَهمْ يعلَمونَ) فأخبر الله - تعالى - بمعرفة اليهود لصدق النبي-صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك لم ينفعهم ذلك، بل قاتلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأخرجهم من ديارهم.


(١) وانظر مجموع الفتاوى (٧/ ٣٩٧ - ٤٠٠) والإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل (١/ ١٩٧)
(٢) وانظر فصوص الحكم (ص/٢٩١) والفتوحات المكية (١/ ٣٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>