للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز وجل، دون أن يلزم من ذلك مشابهة بين الخالق والمخلوق؟!

*أما القول بتضعيف الأحاديث الواردة في إثبات صفة الصوت...

فجوابه:

بل هي أحاديث صحيحة قد رواها أصحاب الصحاح، كالبخاري ومسلم، وهما أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل بإجماع الأمة.

... أما اعتراضه الثالث فجوابه:

هذا خلاف ظاهر الأحاديث فقد قال صلي الله عليه وسلم:

"يَحْشر اللهُ العبادَ فيناديهم بصوتٍ.... " فهل يقال في مثل هذا في صوت الملَك؟؟!

ويلزم من القول بنفي الصوت عن كلام الله -عز وجل- أن الله لم يُسمع أحداً من ملائكته ورسله كلامه، بل ألهمهم إياه.

الأدلة من الكتاب على أن القرآن كلام الله غير مخلوق:

أولاً: أدلة الكتاب:

١ - قال تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (٦)) (التوبة: ٦).

وجه الشاهد: قوله تعالي: " كلام الله":

ووجه الدلالة:

أضاف الكلام إلى نفسه إضافة صفة إلي موصوف، مما يدل على أنَّ كلام الله -ومنه القرآن-هو صفة من صفات الله، وصفاته تعالي غير مخلوقة.

٢ - قال تعالى (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)

... (الأعراف: ٥٤)

وجه الدلالة:

القاعدة: "الأصل في العطف المغايرة "، فلما عطف الأمر على الخلق، والقرآن من الأمر، بدليل قوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) (الشورى: ٥٢)، دل ذلك على أن القرآن كلامه تعالى غير مخلوق. (١)


(١) وقد نازع في هذا الدليل القاضي عبد الجبارفي كتابه "تنزيه القرآن" (ص/١٧٣)، وذكر أن ورود الأمر بعد ذكر الخلق لا يدل على أنه غيره، وأن للغة نظائر في ذكر الخاص بعد العام.
*ولكن نقول هنا:
نعم قد يرد الخاص بعد العام للتأكيد والتنبيه، ولكنَّ هذا خلاف الأصل، فالأصل في الكلام أن العطف للمغايرة، وحمل الكلام على الأصل أولى من حمله على الفرع، سيّما إذا أيَّد هذا الأصل أدلة الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن القرآن كلام الله -تعالى- غير مخلوق، فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>