للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: وهذا مما سكت عنه السلف، ولم يتكلموا فيه نفياً ولا إثباتاً.

فقولنا في مثل هذا المقام أن نتوقف حيث أوقفنا الشرع، وأن يسعنا ما وسع سلفنا، ومن لم يسعه ما وسع السلف فلا وسَّع الله عليه.

قال ابن حجر:

وحاصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين لأنه عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه؛ إذ الصوت قد يكون من غير مخارج، وصفات الخالق لا تقاس على صفة المخلوق، وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان بها، ثم إما التفويض وإما التأويل. (١)

*وكذا مما اعترض به المخالفون:

١ - أن الصوت لا يثبت في حق الله عز وجل، لما فيه من المشابهة، حيث قالوا:

" تعالي الله عن شبه المخلوقين علواً كبيراً "

٢ - الأحاديث الواردة في إثبات صفة الصوت لله -عز وجل- ضعيفة.

، وإن صحت فليست على ظاهرها، بل يراد به صوت الملَك، لا صوت الله. (٢)

فجوابه:

أما الاعتراض الأول فجوابه:

إذا كان إثبات صفة الكلام لله -عز وجل- على ما يليق بالله عز وجل-وهذا مما تقول به- فلماذا لا تثبت لله -عز وجل - صفة الصوت على ما يليق بالله


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري (١٣/ ٦٤٠)
فائدة:
قوله -رحمه الله -في آخر كلامه " إما التفويض وإما التأويل "
قلت: بل هو التفويض الذي نكل فيه العلم بالكيفية إلي الله عز وجل، وليس تفويض المعني، أما التأويل فإن
كان المقصود به صرف اللفظ عن ظاهره فلا، وإن قصد به ما كان تفسيراً لمعني فنعم، فالصوت في اللغة غير مجهول، والكيف به غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
(٢) نص على ذلك البيهقي في "الأسماء والصفات " (ص/٢٧٩)، وممن ذهب إلى إنكار الصوت والحرف: الغزالي، فقال عن صفة الكلام:
فليس بصوتٍ يحدث من انسلال هواء واصطكاك أجرام، ولا حرف ينقطع بإطباق شفة أو تحريك لسان!!
أن موسى- عليه السلام- سمع كلام اللّه بغير صوت و لا حرف.
وكذلك ممن نفى صفة الصوت عن الله عزوجل: ابن حزم الظاهري، حيث قال: " ولا يجوز أن يكون شيء من هذا بصوت أصلاً ".
وانظر الأربعين في اصول الدين (ص/٧٧) والفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>