للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ زين الدين العراقي:

لو أخبر صادق عن النبي -صلى الله عليه وسلم - في النوم بحكم شرعي مخالف لما تقرر في الشريعة لم نعتمده، وقد حكى القاضي حسين أن شخصاً قال له ليلة الشك: رأيتُ النبيَ -صلى الله عليه وسلم - وقال لي صم غداً، فقال القاضي له: قد قال لنا في اليقظة لا تصوموا غداً، فنحن نعتمد ذلك.

وقد حكى القاضي عياض الإجماع على عدم اعتماد المنام في الأحكام الشرعية. (١)

... ومن الفوائد المهمة التى تتعلق بحديث الباب: حكم التداوي:

قد يفهم من سياق حديث السبعين أنه يفضل ترك التداوي على الإطلاق، وأن المرء إذا ما تداوي فقد خرج من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهذا خلاف الصحيح.

نقول: قد دلت الأدلة العامة على مشروعية التداوي، ومن ذلك:

، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا بِهِ جُرْحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" ادْعُوا لَهُ طَبِيبَ بَنِي فُلَانٍ "، قَالَ: فَدَعَوْهُ فَجَاءَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَيُغْنِي الدَّوَاءُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: " سُبْحَانَ اللهِ، وَهَلْ أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ فِي الْأَرْضِ، إِلَّا جَعَلَ لَهُ شِفَاءً. (٢)


(١) وانظر طرح التثريب (٨/ ٢١٥)
قلت: وفيما ذكرناه من أقوال العلماء الكفاية في رد أباطيل الصوفية الذين يدَّعون رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وأنه قد أمرهم بجملة من الأحكام الشرعية!!!
فإن قيل:
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي؟
قلنا: بلى، فالممتنع على الشيطان أن يتمثل بشخص النبي -صلى الله عليه وسلم -وصورته، أما أن يتمثل في صورة حسنة مغايرة لشخص النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يقول: أنا رسول الله، فمثل هذا لا يمتنع أن يفعله الشيطان مع هؤلاء المخدوعين من أرباب الصوفية، وخاصة أنهم لا يعرفون الصورة الحقيقة لشخص النبي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وهذا قد وقع كثيراً لطوائف جهَّال العبَّاد يظن أحدهم أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم - أو الخضر، وإنما هو شيطان. وانظر " مجموع الفتاوي" (١/ ١٧٢)
(٢) أخرجه أحمد (٢٣١٥٦) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>