للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) وعن ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». (١)

فمثل هذه المنامات مصدر للأحكام الشرعية بالإتفاق؛ وذلك لإقرار النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لها.

٢) الرؤيا المنامية بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

فهذه قد اتفق أهل العلم على أنها لا تصلح أن تكون مصدراً للأحكام الشرعية، وإنما هي تبشير وتنبيه تصلح للإستئناس بها إذا وافقت حجة شرعية صحيحة.

ومثال ذلك: ما ذكره أَبَو جَمْرَةَ الضُّبَعِيَّ قال:

تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَنِي بِهَا، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَنِمْتُ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فَقَالَ: عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ، قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَ:

«اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». (٢)

أما ما سوى ذلك من الرؤى التي يراها آحاد الناس فليست بالاتفاق مصدراً للأحكام الشرعية.

قال الشوكاني:

ولا يخفاك أن الشرع الذي شرعه الله -عز وجل- لنا على لسان نبينا -صلى الله عليه وسلم -قد كمل كما في قوله تعالى" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " (المائدة: ٣)، ولم يأتنا دليل على أن رؤيته في النوم بعد موته -صلى الله عليه وسلم -إذا قال فيها بقول يكون دليلاً وحجة، وبهذا تعلم أن لو قدّرنا ضبط النائم لم يكن ما رآه من قوله -صلى الله عليه وسلم -أو فعله حجة عليه، ولا على غيره من الأمة. (٣)


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه مسلم (١٢٤٢)
(٣) إرشاد الفحول (٢/ ٢٠٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>