للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق. وإنما كان بكلمة "كن "، وليس هو الكلمة، وإنما أضيف إلى الله على سبيل التشريف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له: كن فكان عيسى بكن، وليس عيسى هو الكن، ولكن كان بكن، فالكن من الله قول، وليس الكن من الله مخلوقاً. (١)

٤ - الشبهة الرابعة:

قالوا:

قال الله تعالى {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} (الزخرف: ٣)

والجعل في اللغة: هو الخلق، بدلالة قوله تعالي (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام: ١) أي خلقها، فالمجعول لا يكون إلا مخلوقاً. (٢)

*والرد على هذه الشبهة:

قد تعددت استعمالات " الجعل " في لغة العرب، لذا يقول ابن فارس:

" الجيم، والعين، واللام " كلمات غير منقاسة، لا يشبه بعضها بعضاً. (٣)

فنذكر من معاني الجعل ما يلي:

١ - قد يأتي الجعل بمعنى التسمية والحكم، كما ورد في قوله تعالى (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا (١٩)) (الزخرف: ١٩)، وقوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ) (الأنعام: ١٠٠)

٢ - وقد يأتي الجعل بمعني الخلق، كما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: ١٨٩]، وقوله تعالى (الْحَمْدُ


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤١٨)
والمتأمل في هذه الآية يدرك كم تجارت الأهواء بأهلها، فبهذه الآية يستدل النصاري على أن عيسى -عليه السلام- من الله؛ لأنه كلمة الله التي هي صفته، وبهذه الآية يستدل الخلقية على أن كلام الله مخلوق؛ لأن عيسى كلمة الله وعيسى مخلوق، وأما أهل الحق فلا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
(٢) وهذه من الشبهات التى استدل بها القاضي عبد الجبار في "المغني" (٧/ ٨٩)
(٣) مقاييس اللغة (١/ ٤٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>