للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عبد الجبار:

قوله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا) (الزمر: ٢٣)، وقوله تعالى (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) (الأعراف: ١٨٥)، فلا يجوز أن يوصف بذلك إلا وهو محدث. (١)

*وجواب ذلك:

أننا لا بد أن نفرق بين أصل صفة الكلام وبين آحاده، فالله- عز وجل- متصف بصفة الكلام من الأزل، فهي صفة ذات له عز وجل، لم يزل - سبحانه - ولا يزال متكلماً.

وأما آحاد الكلام - والذى منه القرآن - فهو بعض كلام الله - عز وجل- تكلم به متى شاء، وعليه فصفة الكلام قديمة الجنس، حادثة الآحاد.

فقوله تعالى (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)

فالحداثة إنما هي وصف لآحاد الكلام، وليس لأصل الصفة، فتنبَّه.

قال ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -:

" يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه -صلى الله عليه وسلم- أحدث الأخبار بالله ". (٢)

قال الذهبي:

قَوْله تَعَالَى: {مَا يَأْتيهم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبّهم مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتمعُوْهُ وَهُمْ يَلعبُوْنَ}

عنى بحدوثه هو إنزاله إلى الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم. (٣)

٣ - الشبهة الثالثة:

- قوله تعالي: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه ((النساء: ١٧١)

فقالوا: بالإجماع فإن عيسى -عليه السلام- مخلوق، فلمَّا كان عيسى -عليه السلام -كلمة الله، دل أن كلام الله مخلوق!!

وجواب ذلك:

أن المقصود بقوله تعالي: "وكلمته" هو أن عيسى- عليه السلام - إنما خُلق بكلمة الله، وهي قوله تعالي: "كن"، فإن عيسى -عليه السلام - لم يُخلق من أبوين كسائر


(١) المغني (٧/ ٨٩)
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٨٥)
(٣) سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>