للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجتمع الناس جميعُهم على الكفر؛ وهذا ما رجّحه ابن رجَب (١).

*قلت:

ويؤيده: قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤٢].

جواب ثالث: أن يقال: إن نفي الشرك في الأمة خاص ببعض الأماكن دون بعض، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» (٢).

جواب رابع:

أن يقال: إنه في الصحابة -رضي الله عنهم- خاصة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم». قال الحافظ: "فيه إنذار بما سيقع، فوقعَ كما قال صلى الله عليه وسلم، وأن الصحابة لا يُشركون بعدَه؛ فكان كذلك، ووقعَ ما أنذر به من التنافس في الدنيا" (٣).

جواب خامس:

أن يقال: لعلّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يوحى إليه بأن طوائف من الأمة سوف يضلون ويشركون (٤).

وأقرب هذه الأَجْوِبة هو الجواب الأول، ثم الثاني. والله أعلمُ.

*ومن الفوائد التي تتعلق بحديث الباب: تفرُّق السابقينَ، وتقليدُ اللاحقينَ:

والمعنى الذي ورد في الحديث من تفرق اليهود والنصارى قد ورد في عدة مواضع من القرآن، منها: قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: ٤]، وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ...} [الشورى: ١٤]، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ...} [آل عمران: ١٩].


(١) دعاوى المُناوئينَ (ص/٢٢٣).
(٢) ومما يضعّف هذا الوجهَ: أن أكثر من ارتدَّ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كانوا في جزيرة العرب.
(٣) فتْح الباري شرح صحيح البخاري (٦/ ٦١٤).
(٤) فتْح الباري شرح صحيح البخاري (٦/ ٦١٤)، ويُنظر لهذه الأوجُه ولغيرها: [أحاديث يُوهم ظاهرُها التعارُضَ] (ص/٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>