للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالصلاة والصيام والصدقة، ومنه الكثير: وهو ما كان في أصل الاعتقاد.

ثانياً: الرياء بالفروع: ويقصد بها الطاعات:

فلا شك في حرمة هذا القسم من أقسام الرياء، كما دلت على ذلك الأدلة الشرعية، ونذكر من

ذلك:

عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ-رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ " قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:

" الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ". (١)

ولفظه عند ابن خزيمة مرفوعاً:

" أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ:

"يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ". (٢)

وفي رواية أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟ " فَقُلْنَا: بَلَى، قَالَ: " الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ " (٣) قال بشر الحافي: سمعت خالداً الطحان يقول: اتقوا سرائر الشرك؟ فقلت: وما هي؟

قال: أن تصلَّي فلتحظك العيون فتطيل السجود. (٤)

* وإنما كان الشرك الخفي أشد خطورة من المسيح الدجال لأمرين:

١ - الأمر الأول:

أن أمر المسيح الدجال أمر ظاهر بيِّن، أما الرياء فإنه يعرض للقلب كثيراً، ويقود العبد إلى أن يتخلى شيئاً فشيئاً عن مراقبة الله - جل وعلا - ويتجه إلى مراقبة المخلوقين.


(١) أخرجه أحمد (٢٣٦٣٠) والبيهقي في الشعب (٦٤١٢) وانظرصحيح الجامع (١٥٥٥)
(٢) رواه ابن خزيمة (٩٣٧) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (ح: ٣٢)
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤٢٠٤) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (٤/ ٢٣٧) "إسناده حسن"
(٤) منهاج القاصدين (ص/٨٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>