للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذا تأتي خطورة الرياء في خفائه، فدخوله إلى القلب أشبه بدخول النمل إلى حجرة مظلمة.

قال ابن القيم:

وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقلَّ من ينجو منه. (١)

قال الطيبي:

حب الرئاسة والجاه في قلوب الناس من أضر غوائل النفس وبواطن مكائدها، يبتلى به العلماء والعبَّاد، والمشمِّرون عن ساق الجد لسلوك طريق الآخرة؛ فإنهم مهما قهروا أنفسهم وفطموها عن الشهوات وصانوها عن الشبهات، وحملوها بالقهر على أصناف العبادات، عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة الواقعة على الجوارح، فطلبت الاستراحة إلى الظاهر بالخير وإظهار العلم والعمل، فوجدت مخلصاً من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق، ولم تقنع باطلاع الخالق، وفرحت بحمد الناس ولم تقنع بحمد الله وحده، فأحب مدحهم وتبركهم بمشاهدته وخدمته وإكرامه وتقديمه في المحافل، فأصابت النفس في ذلك أعظم اللذات وألذ الشهوات، وهو يظن أن حياته بالله - تعالى-وبعبادته، وإنما حياته هذه الشهوة الخفية التي تعمى عن دركها إلا العقول النافذة. (٢)

٢ - الأمر الثاني:

أن الشرك الخفي الذي هو الرياء قَلّ من يسلم منه، فالرياء خطره على الجميع في كل عصر، في كل وقت، أما المسيح الدجال مع عِظَم فتنته -وقانا الله وإيّاكم من فتنته- فإنما ضرره على الذين يعاصِرونه ويخرج وهم أحياء. (٣)

*وأما عن حكمه: فهو على حالات:

١ - الحالة الأولى:

أن يكون الرياء في أصل العمل:

والمعنى: أن يكون منشأ النية في العمل متوجهاً لله -تعالى- ولغيره، فقد دل حديث الباب


(١) الجواب الكافي (ص/١٤٦)
(٢) الكاشف عن حقائق السنن (١١/ ٣٣٧٤)
(٣) وانظرالتمهيد لشرح كتاب التوحيد (١/ ٤٠١) وإعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (ص/٤٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>