للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حبوط العمل، وسقوط أجره، كما ورد في حديث الباب في قوله صلى الله عليه وسلم يرفعه:

" مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ":

ففيه دلالة واضحة على أن المرء إذا عمل عملاً لله -تعالى- ولغير الله، حيث كان الرياء حاصلاً في أصل العمل فإن الله -عزوجل - يتركه وما أشرك؛ وذلك لأن الرياء إذا شارك العبادة فإنه لا حظ للعبد فيها، ولا يقبلها الله عز وجل.

ففي هذا دلالة بيِّنة أن حدوث الرياء في أصل العبادة يبطلها، وذلك حين يكون العمل في أصله ابتغاء وجه الله -تعالى- ووجه الناس.

قال ابن رجب:

واعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضاً، بحيث لا يراد به سوى مراءات المخلوقين لغرض دنيوي، كحال المنافقين في صلاتهم، كما قال الله عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)} [النساء: ١٤٢]

وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة.

وتارة يكون العمل لله، ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه أيضاً. (١)

قال ابن القيم:

أن يبتدئها -أي الصلاة - مريداً بها الله والناس، فيريد أداء فرضه والجزاء والشكور من الناس، وهذا كمن يصلِّي بالأجرة، فهو لو لم يأخذ الأجرة صلى، ولكنه يصلِّي لله وللأجرة،؛ فهذا لا يقبل منه العمل؛ فإن حقيقة الإخلاص التي هي شرط في صحة العمل والثواب عليه لم توجد، والحكم المعلق بالشرط عُدِمَ عند عدمه، فإن الإخلاص هو تجريد القصد طاعة للمعبود. (٢)


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٧٩) وانظر الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية (ص/٩٥)
(٢) إعلام الموقعين (٢/ ١٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>