للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذا فلا يجتمع عندهم فى الشخص الواحد حسنات وسيئات وثواب وعقاب، ومن وقع فى كبيرة فقد خرج من الإيمان. (١)

_ قال أبو العباس ابن تيمية:

ولا منافاة بين أن يكون الشخص الواحد يرُحم ويُحب من وجه ويُعذَّب ويبغض من وجه آخر، ويثاب من وجه ويُعاقب من وجه؛ فإن مذهب أهل السنة والجماعة أن الشخص الواحد يجتمع فيه الأمران، خلافاً لما يزعمه الخوارج ونحوهم من المعتزلة، فإن عندهم أن من استحق العذاب من أهل القبلة لا يخرج من النار فأوجبوا خلود أهل التوحيد. (٢)

* فصل في: الإيمان يزيد وينقص، وأدلة ذلك:

وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة:

وأما أدلة القرآن: قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (فاطر /٣٢)

* فالآية تضمنت ثلاث درجات:

الأولى:

من حقق كمال الإيمان المستحب، فهم السابقون بالخيرات الذين أدوا


(١) وعليه فقد جعل المعتزلة " مسألة الوعيد" هي أحد أصولهم الخمسة، والتي مفادها أن المسلم إذا خرج من
الدنيا بكبيرة من الكبائر دون أن يتوب منها فإنه يستحق الخلود في النار، ولا يدخل تحت المشيئة.
والذي يقال هنا -من باب الإنصاف-أن القول بخلود فاعل الكبيرة في النار على التأبيد إنما هو قول جمهور المعتزلة، لا جمعيهم؛ أما ما نقله القاضى عبدالجبارمن إجماع المعتزلة على كفر فاعل الكبيرة، وأنه مخلد
في النار كالكافر، فهذا إجماع منه فيه نظر؛ فقد قال البغدادي:
" دعوى إجماع المعتزلة على أن الله - سبحانه -لا يغفر لمرتكبى الكبائر من غير توبة منهم غلط منه عليهم،
لأن محمد بن شبيب البصرى والصالحى والخالدى هؤلاء الثلاثة من شيوخ المعتزلة وهم واقفية فى وعيد مرتكبى الكبائر، وقد أجازوا من الله تعالى مغفرة ذنوبهم من غير توبة " لذا فقد خص الأشعري الإجماع بأهل الوعيد منهم، فقال (وأجمع أصحاب الوعيد من المعتزلة أن من أدخله الله - تعالى- النار خلَّده فيها).
وانظر الوعد الأخروي (١/ ٤٥٩) والفَرق بين الفِرق (ص/٩٦)
(٢) مجموع الفتاوى (١٥/ ٢٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>