للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرَّمات والمكروهات، بل وما قد يقدح في كمال توكلهم، كالاسترقاء والكي، فهؤلاء هم المقرَّبون السابقون بالخيرات.

الثانية: من حقق كمال الإيمان الواجب:

وهم المقتصدون الذين اقتصروا على أداء الواجبات وترك المحرَّمات، دون أن يزيدوا على ذلك بفعل النوافل، كما فى حديث (أفلح إن صدق) (١)

الثالثة: من حقق أصل الإيمان:

وهم الذين معهم أصل التوحيد، وقد اجترؤوا على فعل المحرَّمات دون توبة، وقصَّروا في فعل بعض الواجبات، فهؤلاء هم الظالمون لأنفسهم، وهذا على أصح الأقوال في تفسير الظالم لنفسه، والمقتصد والسابق. (٢)

٢) قال تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب/٢٢)

وقال تعالى (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا) (مريم/٧٦)

* ومن السنة:

عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ:

يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ". (٣)

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

" ما رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ


(١) وهذا الحديث فيه دلالة أن من حقق كمال الإيمان الواجب، دخل الجنة من أول وهلة، لذا فقد ترجم القرطبي لهذا الحديث عند شرحه لمسلم بقوله (باب / من اقتصر على فعل ما وجب عليه وترك ماحرم عليه دخل الجنة)
(٢) فائدة:
الله عزوجل بعدذكره لهذه الأقسام الثلاثة قال (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) والواو في قوله (يدخلونها) شاملة للظالم، والمقتصد والسابق، على التحقيق. ولذا قال بعض أهل العلم:
حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه يدل على أن هذه الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، ولذا قال بعدها متصلاً بها {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنّم} [فاطر: ٣٦]، وانظر أضواء البيان (٥/ ٤٩٠)
(٣) متفق عليه، وقد بوَّب الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله: بَابٌ: تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>