وقد ذكرنا لفظة "يُروى" عند الكلام عن قول الإمام مالك؛ وذلك لأن الإسناد إليه في ذلك فيه مقال، فهو مرويّ عن مقدام بن داودَ، وقد تكلم بعض الأئمة في هذا الراوي. * ونَهْي مالك عن التحديث بحديث الصورة -على تقدير ثبوته عنه- محمول على توجهين: ١ - الأول: ضعف أسانيدها عنده، وهو ظاهر رواية ابن القاسم، وهو اختيار أبي بكر الأبهري والذهبي. ٢ - الثاني: كان يخشى أن يكون في التحديث بذلك فتنة لبعض الناس، فيشبّهوا اللهَ بخلْقه، أو يتأولوا الحديث بما يوافق أقوال الجهمية. وهذا الذي رجحه ابن عبد البَرّ في " التمهيد" (٧/ ١٥٠)، وابن رشد في "البيان والتحصيل" (١٦/ ٤٠٢)، حيث قال الأول: "وإنما كرِه ذلك مالكٌ خشيةَ الخوض في التشبيه بكيفٍ ها هُنا"ا. هـ. وقد روى مسلم عن ابن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: "ما أنت بمحدّث قوماً حديثاً لا تبلُغُه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنة". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الشيء قد يُمنع سماعُه لبعض الجهّال، وإن كان متفَقاً عليه بين علماء المسلمين". وانظر "بيان تلبيس الجهمية" (٦/ ٤٤٥)، والضعفاء الكبير (٢/ ٢٥١)، و"مسائل العقيدة قررها أئمة المالكية " (ص/١٣٥) و"عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن" (ص/١٠).