للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غِشَاوَة} [البقرة: ٧] " (١).

إذَنْ فالفرقُ بين قيام الحجة وفهم الحجة:

هو ما نقوله في الفرق بين هداية التوفيق وهداية البيان؛ فقيام الحجة الرسالية على أَيْدِي الرسل وأَتْباعهم هي هداية البيان، قال تعالى لنبيّه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢]، وأما فَهْمُ الحجة والاقتناعُ بها فهذا من هداية التوفيق والإلهام، قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] (٢)؛ فالفَهمُ هذا مِنّةٌ من الله تعالى، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من يُرِدِ اللهُ به خيراً يُفقِّهْهُ في الدين» (٣)

* فرع: قولهم في الحديث:

"اجعلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما أنّ لهم ذات أنواط" هل هذا الطلب شركٌ أصغرُ أم شركٌ أكبرُ؟

*قَبْلَ الإجابة عن هذا السؤال نريد أن نبين أن التبرُّك بالأحجار والأشجار قد يكون شركاً أكبرَ، وقد يكون شركاً أصغرَ:

أ) أمّا الحالات التى يكون فيها التبرك شركاً أكبرِ:

فكمَنْ يَعمدُ إلى شجر أو قبر أو حَجَر، فيلتمس البركة من ذات الحجر، كما كان فِعل مُشركي العرب، فكانوا يلتمسون البركة من أصنامهم. ولا فرق بين مَن يلتمس البركة من ذات الصنم -وهو شركٌ أكبر- ومَن يلتمس


(١) كشف الشُّبهتينِ (ص/٩١) لسليمان بن سحمان. ومعنى قوله: "إذا كان على وجه يمكن معه العلم":
ألا يكون عديم العقل والتمييز كالصغير والمجنون، أو يكون ممن لا يفهم الخطاب ولم يَحضُر ترجمان يُتَرْجِمُ له.
(٢) فتأملوا في قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج:
«أينما لَقِيتموهم فاقْتلوهم»، وقوله: «شر قَتْلَى تحتَ أَدِيمِ السماءِ» مع كَوْنهم في عصر الصحابة، ويحقر الصحابةُ رضي الله عنهم عباداتهم إلى عباداتهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلوّ والاجتهاد، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بَلَغَتْهم الحجة، ولكن لم يفهموها؛ لذلك لمّا ناظرهم ابن عباس رجع الكثير منهم عن أقوالهم.
(٣) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>