للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البركة من مقبور؛ هو يعتقد أن البركة تأتي من ذات القبر أو من ذات الصنم أو من ذات الشجر؛ فهذا شرك أكبرُ لأنه تعلق بغير الله سبحانه في حُصول البركة، وعُبّاد الأوثان إنما كانوا يطلبون البركة منها؛ فالتبرك بقُبور الصالحين كالتبرك باللّاتِ، والتبرك بالأشجار والأحجار كالتبرك بالعُزَّى ومَناةَ.

** قال ابن القَيِّم:

"فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعُكوفُ حَوْلَها- اتخاذَ إلهٍ مع الله -تعالى- مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها؛ فما الظَّنُّ بالعُكوف حولَ القبر، والدعاء به، ودعائه، والدعاء عنده؟! فأيُّ نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر؟ لو كان أهلُ الشرك والبدعة يعلمون! ". (١)

*وتأملوا: لما طلبوا شجرة يعلقون عليها الأسلحة -كما في حديث الباب- وسمَّوْا ذلك "ذاتَ أنواط" سمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم شِركاً، فقال: «قلتم كما قالت بنو إسرائيل: اجعلْ لنا إلهاً...»

فدل ذلك على أن (العبرة في الأحكام: بالمقاصد والمعاني، وليست بالألفاظ والمَباني).

* قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن:

الاعتبار في الأحكام: بالمعاني، لا بالأسماء؛ ولهذا جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم طلبهم كطلب بني إسرائيل، ولم يلتفت إلى كونِهم سمَّوْها "ذاتَ أنواط"؛ فالمشرِك مشرِك وإنْ سمَّى شركَه ما سمّاه؛ كمن يُسمِّي دعاء الأموات والذبحَ والنذرَ لهم ونحوَ ذلك- تعظيماً ومَحَبّةً؛ فإنّ ذلك هو الشركُ وإنْ سمّاه ما سمّاه". (٢)

*إذَنْ الحالة الأولى التي يكون فيها التبرك شركاً أكبر:

أن يعتقد أن ذات القبر أو ذات الحجر أو ذات الشجرة هو مصدرٌ ومحلٌّ للبركة. وفي حديث الباب التنبيهُ على حُرمة ما يُفعل عند القبور من دعاء أصحابها


(١) إغاثة اللهفان مِن مَصايد الشيطان (ص/٢٠٥).
(٢) فتْح المَجيد شرْح كتاب التوحيد (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>