للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَمَرَ.

فَقَالَ: إِنَّمَا أَقُولُ الْقَبْرَ، لَا تصل إليه. قال البخاري: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ». (١)

- قال ابن بطال:

نهى عُمر أنسًا عن الصلاة إلى القبر، وكان له مندوحة عن استقباله وكان يمكنه الانحراف عنه يمنة أو يسرة، ولمَّا لم يأمره بإعادة الصلاة علم أن صلاته جائزة. (٢)

... المسألة السادسة: شبهات المجوِّزين لبناء المساجد علي القبور:

الشبهة الأولى:

قال تعالى} إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا {(الكهف/٢١)

قالوا: ففي ذلك دلالة على مشروعية بناء المسجد على القبر؛ لأن الله - تعالى- لم يذم طلبهم هذا في كتابه، بل ذُكِرِ دون استنكار، ولو كان في ذلك شيء من الباطل لكان من المناسب أن تشير إليه.

** والرد على ذلك من وجوه:

الأول:

أن الله عز وجل لم يصف أولئك المتغلبين، بوصف يمدحون لأجله، وإنما وصفهم بالغلبة! وإطلاقها دون قرنها بعدل أو حق: يدل على التسلط والهوى والظلم، ولا يدل على علم ولا هدى، ولا صلاح ولا فلاح. (٣)

وعلى مثل هذا نص ابن رجب رحمه الله، حيث قال:

قال {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} فجعل اتخاذ القبور على المساجد

من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بان مستند القهر والغلبة واتباع الهوى، وانه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما انزل الله على رسله من الهدى. (٤)

وممَّن نص على ذلك ابن كثير والقرطبي، وحكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين:


(١) الجامع المسند الصحيح المختصر (١/ ٩٣) ووصله ابن حجر في التغليق (٢/ ٢٣٠)
(٢) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٢/ ٧٩)
(٣) مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد والقبور (ص/١٢٨)
(٤) فتح الباري شرح صحيح البخاري (٣/ ١٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>