نفسه هو أمر مقدور عليه، لكنه لا يفعله لأنه حرَّمه على نفسه، وهو سبحانه منزَّه عن فعله مقدَّس عنه. (١)
* الرد على المعتزلة:
أما قولهم: " أن الله -تعالى- لا يظلم، وأن عدله يقتضي ألا يكون خالقاً لأفعال العباد؛ لأنه لو كان خالقاً لها ثم عاقبهم عليها لكان ظالماً لهم!!!
* فالرد من وجوه:
١) الأول:
إنه -تعالى -إنما يعذبهم على ما أحدثوه من ذنوب، وكان بمشيئتهم وقدرتهم، وكونه تعالى خالق أفعالهم لا يمنع أن تكون أفعالهم مضافة إليهم على الحقيقة، فلا تعارض بين الأمرين إلا عند من ضاق أفقه.
٢) الثاني:
إن ما يبتلى به العبد من الذنوب، وإن كانت خلقاً لله تعالى، فهي عقوبة للعبد على ذنوب قبلها، وبما كسبت أيدى الناس، فالذنب يكسب الذنب، ومن عقاب السيئة السيئة بعدها، فالذنوب والأمراض التي يورث بعضها بعضاً.
يبقى أن يقال:
فالكلام في الذنب الأول الجالب لما بعده من الذنوب؟
يقال: هو عقوبة أيضا على عدم فعل ما خلق له وفطر عليه، فإن الله سبحانه خلقه لعبادته وحده لا شريك له، وفطره على محبته وتألهه والإنابة إليه، كما قال تعالى:
... {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها}[الروم: ٣٠].
فإن لم يفعل ما خلق له وفطر عليه، من محبة الله وعبوديته، والإنابة إليه - عوقب على ذلك بأن زين له الشيطان ما يفعله من الشرك والمعاصي، فإنه صادف قلبا خاليا قابلا للخير والشر، ولو كان فيه الخير الذي يمنع ضده لم يتمكن منه الشر، كما قال تعالى:{كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف: ٢٤] ....... ، وأما إذا صادفه فارغاً من ذلك، تمكن منه بحسب فراغه، فيكون جعله مذنبا مسيئا في هذه الحال عقوبة له على عدم هذا الإخلاص. وهي محض العدل.