للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل:

هذا سؤال فاسد، فإن العدم كاسمه، لا يفتقر إلى تعلّق التكوين والإحداث به، فإن عدم الفعل ليس أمراً وجودياً حتى يضاف إلى الفاعل، بل هو شر محض، والشر ليس إلى الله سبحانه. (١)

*ومما قاله المعتزلة:

الله -تعالى -عدل لا يظلم أحداً، وأفعال العباد فيها ظلم كثير، فلو كان الله - خالقاً- لأفعال العباد لكان متصفاً بالظلم!!! (٢)

* والجواب:

هذا الإلزام غير صحيح؛ لأن كون الباري تعالى خالقاً لا يوجب أن يتصف بما خلق من ظلم وكذب وطاعة ومعصية؛ لأن هذه الصفات؛ إنما هي لمن قامت به، وليس لمن خلقها.

فالصفات وصف لمن قامت به، فالظلم مثلاً: صفة للظالم، ولا يكون صفة لله تعالى، فصح أن خلقه تعالى لهذه الصفات لا يلزم وصفه بها.

قال أبو العباس ابن تيمية:

كون الفعل قبيحاً من فاعله لا يقتضي أن يكون قبيحاً من خالقه; لأن الخالق خلقه في غيره لم يقم بذاته، فالمتصف به من قام به الفعل لا من خلقه في غيره.... والله -تعالى- إذا خلق الإنسان هلوعاً جزوعاً - كما أخبر تعالى بقوله: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعاً} [سورة المعارج: ١٩ - ٢١] - لم يكن هو سبحانه لا هلوعاً ولا جزوعاً ولا منوعاً، كما تزعم القدرية أنه

إذا جعل الإنسان ظالماً كاذباً كان هو ظالماً كاذباً، تعالى عن ذلك. (٣)

تم بحمد الله تعالى.


(١) وانظر شرح الطحاوية (ص/٤٤٢) والمعتزلة وأصولهم الخمسة (ص/١٨٣)
(٢) يقول القاضي عبد الجبار المعتزلى: " وفى أفعال العباد ما هو ظلم وجور، فلو كان تعالى خالقاً لها لوجب أن يكون ظالما جائراً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. (شرح الأصول الخمسة (ص/٣٤٥))
(٣) منهاج السنة (٢/ ٢٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>