للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناس، وان يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية.

وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

(كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال (١٧) (الرعد: ١٧)

أقوال الفرق المخالفة والرد عليهم:

الجهمية والمعتزلة والخوارج:

قالوا:

إن الله - تعالى - يتكلم بكلام يسمع، وبحرف، ومتى شاء، وبما شاء، ولكن ليس كلامه صفة فيه، بل كلامه مخلوق من مخلوقاته بائن منه.

وعليه كلام الله -تعالى- عندهم لا يعد معنى يقوم بذات الله عز وجل، بل هو شيء من مخلوقاته كالسماء والأرض والناقة، فكلام الله حروف خلقها الله وسمَّاها كلاماً، كما خلق الناقة وسماها ناقة الله، وكما خلق البيت وسمّاه بيت الله، وإنما نسب الله الكلام إلى نفسه تشريفاً وتعظيماً.

* وعلى هذا المذهب لا يوصف الله -تعالى- بالكلام في الواقع، وإنما يوصف بأنه خالق الكلام، ومن ثم بنوا على هذا قولهم: إن القرآن مخلوق.

واستدلوا على ذلك بقوله تعالى (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (القصص: ٣٠)

فقالوا:

قوله تعالى: "من الشجرة ":

فيه دلالة أن الله خلق الكلام في الشجرة، فسمعه موسي -عليه السلام-منها. (١)


(١) فائدة مهمة: =
=الجهمية المعطلة نفاة صفة الكلام، هم كفار نوعاً وعيناً، كما أنهم خارجون عن الثنتين وسبعين فرقة، فهم زنادقة كفار بإجماع العلماء.
أما المعتزلة: فهم لم ينفوا كلام الله صراحة، بل قالوا: كلم الله موسي ولكن جعلوا كلام الله مخلوقاً، فهذه شبهة قد منعت من تكفيرهم، وإن كان الخلاف قائماً في جعلهم ضمن فرق الأمة، والراجح.
أنهم ضمن فرق الأمة، وذلك لأن التأويل من موانع التكفير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
المتأول الذي قصده متابعة الرسول لا يكفر، بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ. وهذا مشهور عند الناس في= =المسائل العملية.
وأما مسائل العقائد فكثير من الناس كفَّر المخطئين فيها، وهذا القول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن أحد من أئمة المسلمين، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع، الذين يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم، كالخوارج والمعتزلة والجهمية.
وانظر منهاج السنة النبوية (٥/ ١٢٣).
وهذا يوضح لنا الجمع بين قول أحمد بن حنبل بتكفير من قال بخلق القرآن، مع عدم تكفيره لأعيان المعتزلة القائلين بذلك، وعدم خروجه على المأمون وقتاله إياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>