للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} ما كان موافقاً لشرع الله، {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}، وهو الذي يُراد به وَجْهُ الله وَحْدَه لا شريكَ له؛ وهَذانِ رُكْنا العملِ المتقبَّلِ: لا بد أن يكون خالصاً لله، صَواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (١)

* وتأمَّلْ:

قد نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه-رضى الله عنه- وأمّته عن الصلاة بالمساجد التي بها قبور مع علمه صلى الله عليه وسلم أن أصحابه إذا دخلوا مسجداً -ولو فيه ألف قبرٍ- يُصلّون لله تعالى، وهو على يقينٍ مِن ذلك، ويَعلم حُسن نيّتِهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم ما اكتفى بحُسن النية، ولكنْ أمرَهم بحُسن العمل، وذلك بِتَرْكِ الصلاة في المساجد التي بها قبور.

*أما عن عَلاقة هذه القاعدة بحديث الباب:

فإنَّ هؤلاء النَّفَرَ الذينَ كانوا حُدَثاءَ عهدٍ بكفرٍ- كان مَقصِدُهم مقصداً حسناً، فهم لم يَقصدوا شجرةً يتبرّكون بها ويتمسّحون بها كما فعلَه المشركون الذين تعلّقت قلوبهم بالشجرة حتى عكفوا لها وأناطوا بها أسلحتهم طلباً للبَرَكة من ذات الشجرة؛ فلم يكن هَؤلاءِ الصَّحْبُ الكِرامُ قاصدينَ ذلك، بل كانت نيتهم نية حسنة، فهم ما أرادوا إلا شجرةً يعلّقون بها أسلحتهم للبركة، ويجلسون عندها للبركة؛ ومع ذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم -ما اكتفى بحسن النية، بل قد سوَّى طلبهم بطلب من قال: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]

٢ - الفائدة الثانية، وهي مسألة العذر بالجهل:

أولاً: نقول:

قال الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ...} [النساء: ٤٨]، فما دُونَ الشرك فذلك كلُّه تحتَ المشيئة، قد يُغفر، وقد لا يُغفر، أما الشرك فهو خَطٌّ أحمرُ، فلو أتى المشركُ ربَّه -تبارك وتعالى- بقُرابِ الأَرضِ ذَهَباً وفِضّةً لم يُقبَلْ منه! ولكنَّ العلماء قالوا: إن هناك أعذاراً إذا ما تَلَبَّسَ بها المَرْءُ ثُمَّ وقعَ في الشرك


(١) تفسير القرآن العظيم (٥/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>