للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدان " (١)

* فجوابه:

أن هذا الفعل ورد على خلاف ما فهمه عامة الصحابة -رضى الله عنهم- والسلف الصالح، إذ أنهم لو فهموا من النص العموم لعملوا بمقتضاه، ولوضعوا الجريد على القبور. ولو أنهم فعلوا ذلك لاشتهر ذلك عنهم، ثم نقله الثقات إلينا.

قال ابن الحاج:

وما نقل عن واحد من الصحابة فلم يصحبه عمل باقيهم رضي الله عنهم؛ إذ لو فهموا ذلك لبادروا بأجمعهم إليه، ولكان يقتضي أن يكون الدفن في البساتين مستحباً. (٢)

وأما فعل بريدة رضى الله عنه:

فيحتمل أن يكون أمر أن يجعل في داخل القبر لما في النخلة من البركة؛ لقوله تعالى (كشجرة طيبة)

ويحتمل أنه فعله من باب الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم- في وضعه الجريدتين على القبر.

ومما يؤيد الأول:

أنه أوصى أن يوضع " في قبره "، وهى رواية الأكثرين. (٣)

* تنبيه:

قد انبنى على القول بأن وضع الجريد إنما كان لتسبيحه حال رطوبته القول باستحباب تلاوة قراءة القرآن عند القبر؛ لأنه إذا كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريد، فتلاوة القرآن من باب أولى!! (٤)

والراجح -والله أعلم- المنع من ذلك، وهو مَذهَب المالِكيَّة وقَوْلُ أبي حنيفة، وهى أصح الروايتين عن أحمد، واختيارُ أبي العباس ابنِ تيمِيَّة. (٥)


(١) أخرجه البخارى معلقاً فى الجنائز باب الجريد على القبر (١/ ٤٠٤) ووصله ابن سعد فى الطبقات (٢٨٢٦) وإسناده صحيح، وانظر تغليق التعليق على صحيح البخاري (٢/ ٤٩٢).
(٢) المدخل (٣/ ٢٩٤)
(٣) وانظر فتح الباري (٢/ ٢٢٣) وعمدة القاري شرح صحيح البخاري (٨/ ١٨٢)
(٤) وممن نقل ذلك:
النووى والخطابي وابن دقيق العيد. وانظر شرح النووى على مسلم (٣/ ٢٠٣) وأعلام الحديث (١/ ٢٧٤) وإحكام الأحكام (١/ ١٠٩) وبشرى الكريم بشرح مسائل التعليم شرح المقدمة الحضرمية (ص/٤٧٤)
(٥) قد نقل المروذي الرواية الصحيحة عن أحمد، أنه قال: القراءة عند القبر بدعة، وقال ابن هانئ:
سألت أبا عبد اللَّه عن القراءة على القبر؟
قال: القراءة على القبر بدعة. هذِه هي الروايات الصحيحة عن الإمام أحمد، وحكاية رجوعه عنها المروية في كتاب "الروح" ص ١٣ لابن القيم، عن الخلال لا تصح، ففيها مجاهيل..
وانظر "مسائل ابن هانئ" (٩٤٦) والروايتين والوجهين (١/ ٢١٢) والفروع (٢/ ٣٠٥) وأحكام الجنائز وبدعها" (ص/ ١٩٢) =
=وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فيفرق بين القراءة حين الدفن، والقراءة الراتبة بعد الدفن، فيقول أن هذه الأخيرة بدعة، لا يعرف لها أصل. مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>