للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع حوادث العالم إلى الفاعل كان أولى. (١)

قال الغزالي:

بعث الأنبياء صلوات الله عليهم لدعوة الخلق إلى التوحيد ليقولوا لا إله إلا الله، وما أمروا أن يقولوا: " لنا إله وللعالم إله "؛ فإن ذلك كان مجبولًا في فطرة عقولهم من مبدأ نشوئهم وفي عنفوان شبابهم، ولذلك قال تعالى {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}. (٢)

*والمقصود:

أن النظر مشروع، بل مندوب إليه، لكن لا يقال: إنه أول واجب، بل أول واجب يختلف باختلاف أحوال الناس.

فأول الواجبات على الكافر هو الشهادتان، وأما المسلم فعليه القيام بلوازم الشهادتين ومقتضياتها العملية والقولية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأول الواجبات الشرعية يختلف باختلاف أحوال الناس، فقد يجب على هذا ابتداءً ما لا يجب على هذا ابتداءً، فيخاطب الكافر عند بلوغه بالشهادتين، وذلك أول الواجبات الشرعية التي يؤمر بها.

وأما المسلم فيخاطب بالطهارة إذا لم يكن متطهراً، وبالصلاة وغير ذلك من الواجبات الشرعية التي لم يفعلها، فمن كان يحسن الوضوء وقراءة الفاتحة ونحو ذلك من واجباتها أمر بفعل ذلك، ومن لم يحسن ذلك أمر بتعلمه ابتداء. (٣)

* إذا كان كذلك فليعلم أن التقليد في هذا الباب نوعان:

١) الأول:

التقليد الذى ذمه الأشاعرة والمتكلمون والذى ينبنى - كما زعموا- على معرفة الله والعلم به من غير نظر ولا إعمال للعقل، وقد سبق الرد على بطلان ذلك.

٢) الثانى:

التقليد الذى ذمه أهل السنة والذى ينبنى على نطق الشهادتين دون العلم بمعانيهما، فالشارع قد اشترط في صحة الشهادتين العلم بمعانيهما، فهذا هو الذى يكون


(١) وانظر مفاتيح الغيب (١٩/ ٩١) وشرح الوسطى (ص/١٥٨) والمسائل التى حكى فيها ابن تيمية الإجماع (ص/٢٤٢)
(٢) قواعد العقائد (ص/١٥٢)
(٣) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>