للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عباد الأصنام وغيرهم من أهل الكتاب معترفون بالله مقرُّون به أنه ربهم وخالقهم ورازقهم وأنه رب السماوات والأرض والشمس والقمر. (١)

قال ابن القيم:

وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - قدَّس الله روحه - يقول: كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟!، وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:

وليس يصح في الأذهان شيء... إذا احتاج النهار إلى دليل

ومعلوم أن وجود الرب تعالى أظهر للعقول والفطر من وجود النهار، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما. (٢)

** كما يقال إن المتكلمين مع ولوجهم التام غير المنقوص فى العقليات فما استطاعوا الفرار من شهادة الفطرة السليمة بمعرفة الله تعالى.

فقد أقر بهذا كبار رموز الأشاعرة، وهو الفخر الرازي، وهو من أكثر المتكلمين إغراقاً في المعقولات، فقد ذهب خلافاً لمعظم الأشاعرة إلى أن معرفة الله -تعالى- فطرية لا تحتاج إلى نظر.

فيقول في تفسيره:

" وأقول من الناس من ذهب إلى أنه قبل الوقوف على الدلائل الدقيقة فالفطرة شاهدة بوجود الصانع المختار، ويدل على أن الفطرة الأولية شاهدة بذلك من وجوه:

الوجه الأول: قال بعض العقلاء: إن من لطم على وجه صبي لطمة فتلك اللطمة تدل على وجود الصانع المختار، فلأنَّ الصبي العاقل إذا وقعت اللطمة على وجهه يصيح ويقول:

من الذي ضربني؟

وما ذاك إلا أن شهادة فطرته تدل على أن اللطمة لما حدثت بعد عدمها وجب أن يكون حدوثها لأجل فاعل فعلها، فبأن تشهد بافتقار


(١) الرسائل الكبرى ٢ (/٣٣٧)
(٢) مدارج السالكين (١/ ٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>