للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣)) القول الثالث:

قالوا: إن الهاء تعود إلى الله عز وجل.

ويقولون: الصورة هي وصف لآدم -عليه السلام-، وإنما أضاف الله -عز وجل- صورة آدم -عليه السلام- إلى نفسه إضافةَ تشريفٍ، أو مِلْكِيّةٍ.

وممن قال بذلك: ابن خزيمة، والبيهقي، وابن حزم. (١)

٤)) القول الرابع:

وهو الراجح الصحيح الذي عليه جمهور أهل السنة، والذي نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جمهور السلف.

هو أن الهاء تعود إلى الله -عز وجل-، وأن ذلك يقتضي القولَ بظاهر الحديث مع إثبات صفة الصورة لله -عز وجل- على ما يَليق به -سبحانه-.

فالقول إن الله خلق آدم -عليه السلام- على صورة الله -عز وجل- لا يَلزَمُ مِنه المماثلة؛ بدليل قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ: عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» (٢)،

فمراده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أن أول زمرة هم على صورة البَشَر، ولكنهم في الوضاءة والحُسْن والجمال واستدارة الوجه وما أشبهَ ذلك: على صورة القمر، فصُورتهم: فيها شَبَهٌ


(١) قال ابن خزيمة: "... فصورة آدم ستون ذراعاً، التي أخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن آدم -عليه السلام- خُلق عليها، لا على ما توهَّمَ بعضُ من لم يتحرَّ العلمَ، فظنَّ أنّ قوله «على صُورتِه» صورة الرحمن صفةً من صفات ذاته؛ جلَّ وعلا! قد نزَّهَ الله نَفْسَهُ وقَدَّسَ عن صفات المخلوقين، فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ... "، وإنما إضافة الصورة إلى الرحمن هو إضافة الخلق إليه؛ لأن الخلق يضاف إلى الرحمن؛ إذِ اللهُ -تعالى-خلقَه، وكذلك الصورة تُضاف إلى الرحمن؛ لأنّ الله صوَّرها.
وانظر كتاب [التوحيد] لابن خزيمة (ص/٩٣).
وممن قال بقول ابن خزيمة: البيهقي في كتابه [الأسماء والصفات].
* وقال ابن حزم: "وكذلك القول في الحديث الثابت «خلق الله آدم على صورته» فهذه إضافة مِلكٍ، يريد:
الصورة التي تخيَّرها الله -سبحانه وتعالى- ليكون آدم مصوَّراً عليها، وكلُّ فاضلٍ في طبقته فإنه يُنسبُ إلى الله -عز وجل- كما يقول: "بيت الله تعالى" عن الكعبة، والبيوت كلها بيوت الله تعالى... " ا. هـ.
وانظر [الفِصَل في المِلَل والأهواء والنِّحَل] (٢/ ١٢٨)، و [إيضاح الدليل في قطْع حُجَج أهل التعطيل] (ص/١٥٥)، و [التوضيح لشرح الجامع الصحيح] (٢٩/ ١٢).
*وهنا تنبيه مهم:
فارقٌ بينَ من يحمل إضافة الصورة في قوله «على صورته» إلى الله -تعالى-، مَن يحملها على سبيل التشريف - وهو أحد الأوجه التي قال بها الشيخ العثيمين- مع إثبات صفة الصورة لله -تعالى- من النصوص الأخرى، وبين من يحملها على ذلك نفياً لصفة الصورة عن الله -عز وجل-!
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>