للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقمر، لكن دُونَ مماثَلةٍ.

فتبيَّنَ أنه: لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثِلاً له من كل وجهٍ، ولا يلزم أن يكون على مَثيل صورة القمر.

** وقال شيخ الإسلام في ردِّه على الرازيّ في تأويله للحديث:

"لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاعٌ في أن الضمير عائد إلى الله، فإنه مُستفيضٌ من طُرُقٍ متعدِّدة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك، وهو أيضاً مذكور فيما عندَ أهل الكِتابَيْنِ، حتى ظهرَ الجهميةُ، فزعموا نسبة الهاء لآدم -عليه السلام- تنزيهاً لله عن صفة الصورة". (١)

* لما سئل الإمام أحمد عن حديث الصورة، وهل الهاء تعود إلى غير الله عز وجل؟

قال: "مَن قال ذلك فهو جهميّ، وأيُّ صورةٍ كانت لآدم قبل أن يخلقه الله؟! ". (٢)

**قال ابن قُتيبة: "والذي عندي -والله أعلم- أن الصورة ليست بأعجبَ من اليدينِ والأصابعِ والعينِ، وإنما وقعَ الإلْفُ لتلك لمجيئها، ووقعت الوَحْشةُ من هذه لأنها لم تأتِ في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيءٍ منه بكيفيّةٍ ولا حَدٍّ". (٣)

تنبيه:

قد ذهب الجهمية والمعتزِلة إلى نفي الصورة عن الله -عز وجل- بدعوى نفْي المماثَلة والمشابَهة بين الله -تعالى- وخلْقه...

قال القاضي عبد الجبار -وهو يعرِّض بأهل السنة-:

"ثم حَدَثَ قومٌ من المشبِّهة


(١) [بيان تلبيس الجهمية] (٢/ ٣٥٦).
وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية على من زعمَ أن الهاء تعود إلى آدم -عليه السلام- من ثلاثة عشر وجهاً.
وانظر [تلبيس الجهمية] (٢/ ٣٤٦)
(٢) [طبقات الحنابلة] (١/ ٣٠٩).
وفي رواية: قال إبراهيم بن أبان الموصلي: سمعت أبا عبد الله، وجاءه رجل فقال:
إني سمعت أبا ثور يقول: إنّ اللَّه خلق آدم على صورة نفسه، فأَطْرَقَ طويلاً، ثم ضربَ بيده على وجهه، ثم قال:
"هذا كلام سوء، هذا كلامُ جَهْمٍ، هذا جهميٌّ، لا تَقْرَبُوه! ". [طبقات الحنابلة] (١/ ٩١)
(٣) [تأويل مختلف الحديث] (ص/٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>