للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقولكم بالكلام النفسي قد خالفتم به الكتاب والسنة وإجماع الأمة التي أثبتت لله-تعالى- صفة الكلام بحرف وصوت على الحقيقة، وليس كلاماً نفسياً أو معنى قائماً بالنفس كما تزعمون.

٢ - قال تعالى " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)) (الشورى: ٥١)

فلما فرَّق الله بين التكليم والوحي العام؛ دل ذلك على إبطال القول بأن كلام الله هو معني واحد قائم بذاته.

٣ - قال تعالى (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الشعراء/١٠)

وجه الدلالة:

النداء لا يكون إلا بصوتٍ مسموع باتفاق أهل اللغة وسائر الناس.

* عن عبد الله بن أُنيس -رضى الله عنه- أن النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ:

أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ " (١)

قلت: وهذا بينٌ جلى أن المتكلم بصوت هو الله تعالى، فما كان ينبغى لملَك من الملائكة أن يقول: " أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ ".

وقد أخبر الله -تعالي -به في كتابه من تكليم موسي، وسمع موسى لكلام الله يدل على أنه كلمه بصوت، فإنه لا يسمع إلا الصوت، وصوته تعالي ليس كأصوات شيء من مخلوقاته، فإن الله لا يماثل المخلوقين في شئ من الصفات، فمن شبَّه الله بخلقه فقد ألحد في أسمائه وآياته. (٢)

*أما قولهم بأن صفة الكلام هو المعني القائم بالنفس!!


(١) أخرجه أحمد (١٦٠٤٢) وحسَّنه ابن القيم في الصواعق (١/ ٤٦٧) وابن حجر في الفتح (١/ ٧٤) وانظر صحيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (٥٧٠)
(٢) بتصرف يسير من مجموع الفتاوى (٦/ ٥٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>