(٢) وعليه فإن الجهمية والمعتزلة خير من الأشاعرة من هذا الوجه؛ حيث علَّقوا صفة الكلام بمشيئة الله، في حين أن الأشاعرة جعلوا كلام الله هو معني قديم لا يتعلق بمشيئة الله ولا إرادته. قال السجزي: " اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب، والقلانسي، والصالحي، والأشعري، وأقرانهم، الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة، وهم معهم، بل أخس حالاً منهم في الباطن. وانظر رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص/١٧) (٣) تجدر الإشارة هنا إلى أن أبا الحسن الأشعري -رحمه الله-قد رجع عن عقيدة الكلابية وألَّف رسائل على عقيدة السلف، وإن كان فيها بعض الشوائب العالقة إثر تركه لعقيدة المعتزلة، ومن ثم تركه لعقيدة الكلابية. ومن هذه المؤلفات التي سار فيها الأشعري على نهج السلف: كتابه الإبانة وكتابه رسالة إلى أهل الثغر، وكتابه مقالات الإسلاميين. ويعد أبو الحسن من متكلمي أهل الإثبات، ومن متكلمة الصفاتية، ويعتبر من أقربهم إلى السنة وأتبعهم لأحمد = = بن حنبل، بل هو أقرب إلى مذهب أحمد بن حنبل وأهل السنة من كثير من المتأخرين المنتسبين إلى أحمد، الذين مالوا إلى بعض كلام المعتزلة كابن عقيل وابن الجوزي. وانظر حقيقة البدعة وأحكامها (ص/١٦٦)