للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخبر والاستخبار.

إن عبَّر عنه بالعربية كان قرآناً، وإن عبَّر عنه بالعبرية كان توراة، وإن عبَّر عنه بالسريانية كان إنجيلاً. (١)

وقد نص الجوينى والرازي على إثبات الكلام لله على المعنى القائم بالنفس. (٢)

* فإذا سألت: وما وجهة الأشاعرة فيما ذهبوا إليه؟

*والجواب:

أن الأشاعرة لا يقولون بإثبات الصفات الفعلية، ويجعلون كلام الله هو الكلام النفسي القديم وليس متعلقاً بوقت معين، والقرآن عندهم إنما هو عبارة عن كلام الله.

وبهذا تراهم جمعوا بين متناقضات حين جعلوا القرآن من حيث معناه:

غير مخلوق، ومن حيث حروفه إنما هو من عند مخلوق.

قال أبو العباس ابن تيمية:

أنهم - أى الأشاعرة- لما ناظروا المعتزلة في إثبات الصفات، وأن القرآن ليس بمخلوق، رأوا أن ذلك لا يتم إلا إذا كان القرآن قديماً، وأنه لا يكون قديماً إلا إذا كان معني قائماً بنفس الله كعلمه؛ وذلك لامتناع قيام الأمور الحادثة به، فخالفوا بذلك جمهور المسلمين. (٣)

فالحاصل أن الأشاعرة والمعتزلة متفقان أن حروف القرآن وألفاظه مخلوقة، أما الأشاعرة فيقولون القرآن هو الكلام النفسي، وهذا قديم غير مخلوق، ويطلق على الألفاظ قرآن إما مجازاً أو اشتراكاً.

والمعتزلة يخالفونهم في ذلك، فلا يثبتون كلاماً نفسياً، ويقولون الكلام لا يتصور


(١) وانظر حاشية البيجوري على الجوهرة (ص/١٢٩) وبغية الطالب للتلمساني (ص/٢٢٠) وعقائدالأشاعرة (ص/١٤٧) مصطفى باحو.
(٢) وانظر الإرشاد (ص/١٠٩) و الأربعين في أصول الدين (١/ ٢٤٩)
(٣) نظر مجموع الفتاوي (١٢/ ٥٧٩)
* فائدة مهمة:
تنبه للفرق بين الأشاعرة والكلابية، فإن الكلابية قالوا: القرآن حكاية عن كلام الله والأشاعرة قالوا:
عبارة عن كلام الله، والعبارة أدق من الحكاية، فمعني عبارة: أن معناه طبق الأصل لكلام الله النفسي، وعند الكلابية قالوا بالحكاية؛ لأن الحكاية يكون فيها شيء من السعة، أوسع من العبارة

<<  <  ج: ص:  >  >>