للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، لا من غيره، دل أن الكلام إنما يقوم بالمتكلم. (١)

*أما ما استدلوا به من قوله تعالى (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)) (القصص/٣٠)

فجوابه أن نقول:

النداء هو الكلام من بعد، فقد سمع موسي -عليه السلام- النداء الذي كان في البقعة المباركة من عند الشجرة، كما تقول: سمعت كلام زيد من البيت، فيكون معنى "من البيت" لابتداء الغاية، لا أن البيت هو المتكلم؛ إذ لو كان الكلام مخلوقاً من الشجرة لكانت الشجرة هي القائلة يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. (٢)

٢ - قول الكلابية والأشاعرة:

أما الكلاَّبية:

فسبب هذه التسمية يعود إلى أول من أشتهر بهذا القول، وهوعبد الله بن سعيد بن كلّاب. (٣)

أما قولهم في صفة الكلام فإنهم قالوا:

أن الله يتكلم بغير مشيئة، بل كلامه هو معنى قديم لازم قائم بذات الرب كلزوم الحياة والعلم، وأنه لا يُسمع منه على الحقيقة، بل المسموع هو حروف وأصوات مخلوقة منفصلة عن الرب، دالة على ذلك المعني القديم وهو القرآن، وهو غير مخلوق.

*أماالأشاعرة:

فقالوا:

إن كلام الله صفة من صفاته وليس بمخلوق، فكلامه-تعالى- صفة أزلية قائمة بذاته، بغير صوت ولا حرف، وأما اللفظ فهو مخلوق ليدل على ذلك المعنى.

فالكلام النفسي عندهم هو معنى واحد، لا يتجزأ ولا يتبعض، هو الأمر والنهي،


(١) بتصرف يسير من مجموع الفتاوي (١٢/ ٢٩٧)، وفي كلام أحمد رد على الجهمية والمعتزلة القائلين بأن الله قد خلق كلامه في بعض مخلوقاته، وأن كلامه ليس منه.
(٢) وانظر شرح الطحاوية (ص/١٣٤).
(٣) قال الذهبي: ابن كلاب رأس المتكلمين، وكان يلقّب كلاباً لأن يجر الخصم إلي مذهبه ببلاغته، أراد معارضة من قال بخلق القرآن فقال بقولٍ لم يسبق عليه. سير أعلام النبلاء (١١/ ١٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>