للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفراد الفرق المبتدعة وإن كَثُرَت الفرق، فلعله لَا يكون مجموع أفرادهم جزءاً من ألف جزء من سائر المسلمين؛ فتأملْ هذا تَسلَمْ من اعتقاد مُناقَضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة". اهـ (١).

وعليه فهذه الفرق (كثرة في الأعداد، لا في الأتباع)

فإن قيل: حديث الباب معارض لما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم:

«أمتي هَذِهِ أُمَّةَ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ». (٢)

يقال:

إن هذا الاختلاف الواقع بين فرق هذه الأمة -أمة الإجابة- هو اختلاف لا يؤدي بها إلى الخلود في النار، بل غاية ما فيه إنما هو استحقاق العذاب، ولا يعني بأنها مرحومة أنها لن تُعذَّب، بل تؤول الرحمة على نفي الخلود في النار، لا أصل العذاب.

*وثمة جواب آخر: أن قوله صلى الله عليه وسلم: «كلها في النار» غاية ما فيه: أن هذا الحديث من أحاديث الوعيد، فهذه الفرق قد أتت بما تستحق عليه العذاب، وأحاديث الوعيد قد يتخلَّف وقوعها لموانع أخرى، والتي منها: أن تدركهم رحمة الله تعالى، أو شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو شفاعة الصالحين.

بل إن نجاة الفرقة الناجية نفسِها لا يلزم منها عدمُ تعذيبها، فهم نَجَوْا بعقائدهم نَعَم، لكنهم سيحاسبون على أعمالهم، والمخالف منهم والعاصي مستحق للعذاب.


(١) العَلَمُ الشّامِخ في إِيثار الحقِّ على الآباء والمَشايخ (ص/ ٤١٤).
(٢) أخرجه أحمد (٤١٠) وأبوداود (٤٢٧٨) وذكره الألبانى في الصحيحة (٩٥٩)، وقال: "قال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون ": " سنده حسن ".

<<  <  ج: ص:  >  >>