للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبِعَتْها النتائجُ.

... ومن شبهاتهم العقلية في رد الشفاعة في أهل الكبائر:

أن الأمة مُجمِعة على أنه ينبغي أن نَرغب إلى الله -تعالى- في أن يجعلنا من أهل شفاعته -عليه السلام-، ويقولون في جملة أدعيتهم: "واجعلْنا مِن أهل شفاعته"؛ فلو كان المستحِقُّ للشفاعة هو الذي خرجَ من الدنيا مُصرّاً على الكبائر لَكانوا قد رَغِبُوا إلى الله -تعالى- في أن يَختم لهم مُصِرّينَ على الكبائر!!! (١)

* والجواب من وجوه:

١) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: «أَنَا فَاعِلٌ...» (٢)، فهلْ أنسٌ -رضي الله عنه- قد رغِب إلى الله -تعالى- أن يموت مصرّاً على الكبائر؟! وهل يُقرّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ذلك؟!

٢) أن الشفاعة كما تكون في أصحاب الكبائر حاصلةٌ لأهل الإيمان -كما سبق ذكره- في رَفْعهم في الجنة، وفي استفتاح أبواب الجنة، وفي دخول الجنة بغير حساب.

٣) وهو ما نص عليه القرطبي، فقال:

"إنما يطلب كلُّ مسلمٍ شفاعةَ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرغب إلى الله في أن تَنالَهُ؛ لاعتقاده أنه غيرُ سالِمٍ من الذنوب، ولا قائمٍ لله -سبحانه- بكل ما افترض عليه، بلْ كلُّ واحدٍ معترفٌ على نفسه بالنقص؛ فهو لذلك يخاف العقاب، ويرجو النجاة، وقال صلى الله عليه وسلم:

«لا يَنْجُو أَحَدٌ إلّا بِرَحْمَةِ اللهِ -تعالى-»، فقيل: ولا أنتَ يا رسولَ اللهِ؟ فقال:

«وَلا أَنا، إلّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَتِهِ» ". (٣)

... أمور تحصل بها شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-:

١) الإخلاص:

عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ -يَا أَبَا هُرَيْرَةَ- أَلّا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ


(١) التفسير الكبير (٣/ ٤٩٧).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٨٤٨)، وانظر الصَّحِيحَة (٢٦٣٠).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١/ ٣٨٠)، ونقد أصول المعتزلة (ص/٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>