للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ.

أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ قَالَ: "لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" خَالِصاً مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ». (١)

* قال ابن القيم:

"وفي قوله «أسعد الناس بشفاعتي: من قال: لا إله إلا الله» سرٌّ من أسرار التوحيد، وهو أنّ الشفاعة إنما تُنالُ بتجريد التوحيد، فمَن كان أكملَ توحيداً كان أَحْرَى بالشفاعة، لا أنّها تُنال بالشِّرْك بالشَّفيع-كما عليه أكثرُ المشركينَ-، وباللهِ التوفيقُ". (٢)

٢) الحرص على تحقيق التوحيد الخالص:

عَنْ أَبِي مُوسَى-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُعْطِيتُ خَمْساً: بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لِمَنْ كَانَ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْرًا، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَلَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ سَأَلَ شَفَاعَةً، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ شَفَاعَتِي، ثُمَّ جَعَلْتُهَا لِمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا». (٣)

وفي رواية: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي -عز وجل- الشَّفَاعَةَ لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِيهَا، وَهِيَ نَائِلَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- مَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ -عز وجل- شَيْئًا». (٤)

٣) الموت بالمدينة:

عنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، أَنَّهُ جَاءَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لَيَالِيَ الْحَرَّةِ، فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجَلَاءِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَشَكَا إِلَيْهِ أَسْعَارَهَا وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ، وَأَخْبَرَهُ أَنْ لا صَبْرَ لَهُ عَلَى جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:

«لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا، فَيَمُوتَ- إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا - أَوْ شَهِيدًا - يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٥).


(١) أخرجه البخاري (٩٩).
(٢) عون المعبود (١٠/ ٢٥٩).
(٣) أخرجه أحمد (١٩٧٣٥)، وسنده صحيح.
(٤) متفق عليه.
(٥) أخرجه مسلم (١٣٧٨).
قوله "لأْوائها": قال أهل اللغة: اللأواء: الشِّدّة والجُوع.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شفيعاً أو شهيداً": "أو" بمعنى الواو، أو للتقسيم، أيْ: شفيعاً للعصاة منهم، وشهيداً للطائعين.
قال القاضي عياض: "إنّ هذا الحديث رواه جابر وسعد وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عُمَيس وصفيّة بنت أبي عبيد -رضي الله عنهم- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ، ويَبعُد اتفاقُ جميعِهم أو رُواتِهم على الشك وتطابُقُهم فيه على صيغة واحدة، بَلِ الأظهرُ: أنّه قاله -صلى الله عليه وسلم- هكذا".
وانظر شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>