للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ -رضى الله عنه-قَالَ: جاءت الْأَعْرَابُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَتَدَاوَى؟

قَالَ: " نَعَمْ، تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ". (١)

قال الإمام ابن القيم:

في هذه الأحاديث الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر، والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، بل إن تعطيل هذه الأسباب يقدح في التوكل. (٢)

* أقوال العلماء في حكم التداوي:

ذهب الحنفية والمالكية إلى أن التداوي مباح. وذهب الشافعية إلى استحبابه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

"إنَّ الله عزّ وجلّ أنْزَلَ الدَّاءَ والدَّواء، وجَعَلَ لِكُل داءٍ دَوَاءً، فَتَداووا، ولا تَدَاووا بحرَام". (٣)

وغير ذلك من الأحاديث الواردة، والتي فيها الأمر بالتداوي، ومحل الاستحباب عند الشافعية عند عدم القطع بإفادته، أما لو قُطِع بإفادته (كعَصْب الجُرح) فإنه واجب (ومن أمثلة ذلك في عصرنا نقل الدم في بعض الحالات.).

* وذهب الحنابلة إلى أن تركه أفضل، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال:

" أحب لمن اعتقد التوكل وسلك هذا الطريق ترك التداوي، من شرب الدواء وغيره "، واستدلوا لذلك بأدلة منها حديث الباب.

وكذلك قد علَّلوا رأيهم: بأن تركه تفضلًا واختيارًا لما اختاره الله تعالى، ورضاً بما قدَّر وتسليمًا له.

* واعلم أن التداوي على أقسام:

١ - من غلب على ظنه أو تيقن الهلاك إذا ما ترك التداوي؛ صار التداوي في حقه


(١) أخرجه أحمد (١٨٤٥٤) وابن حبان (١٣٩٥) وانظر صحيح الجامع (٢٩٣٠)
(٢) زاد المعاد (٤/ ١٤)
(٣) أخرجه أحمد (٣٥٧٨) وأبوداود (٣٨٧٤) وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>