للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجباً، يأثم بتركه. فيدخل في ذلك إيقاف النزيف، وخياطة الجروح، وبتر العضو التالف المؤدي إلى تلف بقية البدن، ونحو ذلك مما يجزم الأطباء بنفعه وضرورته، وأن تركه يؤدي إلى التلف أو الهلاك.

٢ - من غلب على ظنه أو تيقن عدم نفع التداوي لمرضه؛ فهنا يشرع له ترك التداوي. (١)

٣ - إذا ما تداوي بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها، عندها يكون التداوي مكروهاً، كما هو الحال في التداوي بالكى.

٤ - إذا ما أدى ترك التداوي إلى ضعف في البدن وهزال، عندها يكون ترك التداوي مستحباً.

٥ - إذا ما تداوي بدواء محرم؛ صار التداوي محرماً. (٢)

*وعليه فإن حديث السبعين لا يشير إلى أن كمال التوحيد في ترك التداوي مطلقاً، فهذا غلط، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -قد تداوي وأمر بالتداوي، فليس في الحديث أن أولئك لا يباشرون الأسباب مطلقاً، أو لا يباشرون أسباب الدواء، وإنما خص الحديث الإسترقاء والكي لأنه يكثر تعلَّق القلب والتفاته إلى الراقي أو الكاوي ففيها إنقاص من مقام التوكل. (٣)

*قلت:

وعليه فإن الاستدلال بحديث الباب على القول باستحباب ترك التداوي مطلقاً فهذا مما يقال فيه أن "الدليل أخص من الدعوى "، بل غاية ما فيه أن هؤلاء


(١) ومثال ذلك ما رواه الشيخان من حديث عَائِشَةُ -رضى الله عنها- قالت:
لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: «لَا تَلُدُّونِي» قَالَ: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي». =
= فهنا قد نهاهم -صلى الله عليه وسلم- لأن هذا الدواء لم يكن ملائما لدائه، حيث ظن الصحابة-رضى الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم - به ذات الجنب، ولم يكن الأمر كذلك. ومعنى " لد المريض ":
أن يؤخذ بلسانه فيمد إلى أحد شقي الفم وصب الدواء في الشق الآخر.
(٢) الفِقْه الإسلامي وأدلَّته (٧/ ٥٢٠٤)
(٣) التمهيد شرح كتاب التوحيد (١/ ٤٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>