للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - حمل أحاديث النهي على من فعل ذلك قبل نزول البلاء؛ وذلك دفعاً للقدر قبل نزوله. (١)

٣ - حمل أحاديث النهي على نهي التنزيه، وذلك لما ورد من أحاديث قد أباحت الكي لمن به علة؛ وإنما قد نُهى عن الكى لما في الإكتواء من الألم الشديد مع ضعف احتمال الشفاء، ولهذا وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهى عنه؛ وإنما كرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم، ولهذا كانت العرب تقول في أمثالها " آخر الدواء الكي ".

وهذا -والله أعلم-هو الصحيح في الجمع بين تلك الأحاديث. (٢)

قال ابن القيم:

فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع، أحدها: فعله، والثاني: عدم محبته له، والثالث: الثناء على من تركه، والرابع: النهي عنه، ولا تعارض بينها بحمد الله تعالى، فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه. وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه فعلى سبيل الكراهة، أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء. (٣)

... وتنقسم حالات الكي إلى عدة أحكام:

١) من استعمل الكي لغير علة، بل دفعا لنزول البلاء، فهذا حكمه التحريم؛ لأنه


(١) فقد ذكر ذلك ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"، فقال: وقد رأيت بخراسان رجلاً من أطباء الترك يعالج بالكي، يكوى العليل لعلته، ويكوى الصحيح لئلا يسقم؛ فتطول صحته.
وانظرتأويل مختلف الحديث (ص/٤٦٣)
(٢) أما القول بالنسخ فهذا يرده عدم العلم بالتاريخ وإمكانية الجمع بين الأدلة، وأما حمل أحاديث
النهي على من فعله قبل نزول البلاء، فليس هذا هو الأغلب في أفعال الناس، بل إنهم في الأغلب لا يكتوون إلا لعلة.
(٣) الزاد (٤/ ٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>